كتاب الدعوة إلى طاشتكين أمير حاج العراق
  وطحناً بكلكلها، وزبناً برجليها، كأنها لم تدر من أي الأعياص عيصنا(١) المطهر المبجل، ولا شاهدت شرفنا الأغر المحجل، فأنكرت عن معرفة، وظلمت من يستحق النصفة، فأول دم سفكته منا بيوم الثنية، دم محمد بن عبد الله النفس الزكية](٢):
  فَقَتَلُوا يَومَ الثُّنَيَّه ... مُحَمَّدَ بنَ عَبداللهِ النَّفسَ الزَّكِيَه
  وأتبعُوه بأخيه فِي بَاخَمرَا ... وعَقَّبُوا وَاحِدَةً بِأُخرَى
  وارتَكَبَت فِي ذَاكَ شَيئَاً نُكرَا ... وأتبعَت وَاحِدَةً بأُخرَى
  ووقَعةً فِي يَومِ فَخٍّ كُبْرَى ... لَهَا العُيُونُ دَائِمَاً لا تكرَى
  وَلَا يَزَالُ للدُّمُوعِ مَجرَى ... وصَارَ مِن ثَمَّ هَلُمَّ جَرَّا
  قَتْلُ الهُدَاةِ المُهتَدِينَ فَخرَاً ... فَمنهُمُ قَعْصَاً ومنهُم صَبْرَا(٣)
  ومنهم سُمَّاً ومنها أَسرَا ... كَأنَّهُم مِمَّن نَمَاهُ كِسرَى
  لم يرعوا لهم حق الولادة والقرابة، ولا حرمة الجيرة والصحابة، وهم على ذلك صابرون، ولله سبحانه في جميع الحالات شاكرون، قد أنست نساؤهم بالثكل، وأطفالهم باليتم، وكبارهم بالغربة، نشرهم الخوف في الآفاق، فأبلغ الله بهم الحجة على جميع البرية، فَغَرَّبَتْ أولادُ إدريس وسليمان، وغلغلت أولادُ زيد في تخوم خراسان والجيل وديلمان، وقصدت أولادُ إبراهيم جانب الأرض اليمان، ونزلت الحجاز أولادُ موسى وسليمان، ومع ذلك لم يخل منهم بلد من البلدان.
(١) العيص: منبت خيار الشجر.
(٢) ما بين القوسين ساقط من نسخة السيرة الأصلية، وأثبتناه من نسخة من مجموع رسائل وأشعار للإمام #.
(٣) القعص: الموت الوحي، ومات قعصاً: أصابته ضربة أو رمية فمات مكانه.