الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في المشترك]

صفحة 106 - الجزء 1

  وأمَّا ثانياً: فهب أنا نسلم حسن الاستفهام والعموم، فالتفرقة بينهما ظاهرة، فإن الإستفهام في الأسماء المشتركة من أجل تردد الفهم في معانيها عند إطلاقها، وهي مفهومة من إطلاقها سواء على جهة الحقيقة، فالإيهام فيها أمر ذاتي يختصها، فلا جرم إن الإستفهام يحسن لما ذكرناه، بخلاف ألفاظ العموم فإن الإيهام فيها أمر عارض، فلا جرم حسن لمكانة الإستفهام، وقد تغير بالمتواطئ، فإنه يحسن الاستفهام عنه.

  ولما كان بين المشترك اللفظي وبين المشترك المعنوي نوع تقارب يكاد يحصل بسبب اللبس ذكر الفرق بينهما فقال:

  (والفرق بينه وبين المتواطئ) وخصه بالذكر وإن كان المشترك مثله؛ لأنه الأكثر والمشترك يقاس عليه مثل رجل، (وإن كان نسبتهما إلى مسمياتهما واحد متساوية) فنسبة قرء إلى مسمياته واحدة، ونسبة رجل إلى مسمياته وهو يزيد وعمر وبكر وخالد ونحو ذلك واحدة، فإنه يصح أن يطلق لفظه على كل منهما، (أن مسميات المتواطئ) كزيد ونحوه (في معنى يشملها) وهي الرجولية مثلاً، فإن المسميات مشتركة في أن كل واحدٍ منها يسمى رجلاً، فإذا قلت أكرم رجلاً فإنه أي رجل أكرم كان ممتثلاً، إمَّا هذا أو ذاك، (ومسميات المشترك مشتركة في اللفظ فقط) لا المعنى فهو مختلف، فإن الطهر غير الحيض، فهذه هي التفرقة بينهما.

  وحاصلها: راجع إلى أن الاسم المشترك ليس معه دلالَة على أمرٍ جامع لمعانيه، بخلاف المتواطئ فإن هناك أمراً جامعاً كما ذكرناه.

  إذا عرفت هذا فنقول: إذا صح وقوع المشترك فهل يصح إطلاقه على كل معانيه أولاً، ثُمَّ إذا صح إطلاقه على كل معانيه فهل ذلك حقيقة أو مجاز؟، ثُمَّ هل يجب حمله عليها أو لا؟، بل يحمل على البدل كل ذلك مختلف فيه.

  فقال (أئمتنا والجمهور) من العلماء كأبي علي والقاضي وأبي الحسين والرازي والباقلاني والشافعي: (ويصح إطلاقه) أي المشترك (حقيقة على كل معانيه) بأن يقال: رأيت الجون وتريد السواد والبياض، ورأيت العين وتريد الباصرة والجارية، وأقرأت هند أي حاضت وطهرت.

  قال في القسطاس ناقلاً عن بعض الأشعريَّة: واعلم أن للمشترك أحوالاً: