الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثالث عشر من أبواب الكتاب: باب القياس

صفحة 394 - الجزء 2

  قلنا: إن النص العام إن كان قطعياً في محل النقض ثبت الحكم ضرورة بثبوته عند ثبوت علته قطعاً، وكان كما ذكرتم غير قابل للتخصيص كغيره من التخصيصات، ولا يختص بتخصيص العلة، لكنَّه غير محل النزاع، وإن كان ظاهراً وجب قبوله وتقدير المانع.

  (وقيل: عكسه كذلك) أي يشترط الاطراد في المستنبطة لا المنصوصة لمانع أو عدم شرط؛ لأن دليل المستنبطة اقتران الحكم بها، وقد يشهد لها بالاعتبار في غير محل النقض، وعلتها بالاهدار في محل النقض، فتعارضا وتساقطا وبطلت العلية بخلاف المنصوصة، فيجوز فيها ذلك مع المانع، وعدم الشرط؛ لأنها حينئذ كالعموم المخصوص.

  قلنا: لا يسلم أن التخلف دليل الإهدار، فإن الحكم في تلك الصورة المخصوصة قد انتفى لمعارض، والانتفاء لا يبطل بشهادة العلة بالحكم، ولا يوجب عدم قبولها مطلقاً، ألا ترى أن الشهادة إذا عورضت بشهادة فتعارضت البينتان فإنه لا يبطل حكم الشهادة مطلقاً في محل التعارض فقط.

  (وقيل: مطلقاً) أي يشترط الإطراد في المستنبطة دون المنصوصة فلا يشترط فيها بل يجوز النقض بلا مانع وعدم شرط لما تقدم.

  وقال (الحفيد: يشترط) الإطراد (في الشبهية) دون ما عداها، وذلك لأن الشبهية ضعيفة فإذا خصصت ازدادت ضعفاً فتبطل.

  قلنا: لا نسلم بطلانها بالتخصيص، بل هي كسائر العلل؛ إذ التخصيص ليس إبطال.

  وقيل: يشترط في المنصوصة لا المستنبطة ولو بلا مانع أو عدم شرط.

  واستدل ربه: بأنه لو توقف كون المستنبطة أمارة وهو ثبوت الحكم بها في غير صورة التخلف على ثبوت الحكم بها في صورة التخلف لانعكس، فيتوقف ثبوته فيها على ثبوته في غيرها، ويلزم الدور، أو لم ينعكس ولزم التحكم والترجيح بلا مرجح ولم يريدوا بالأمارة مجرد الأمارة، أعني ما يعرف الحكم ولا يكون باعثاً على ما يفيد ظن الحكم.

  قلنا: إن الدليل إذا دل على علية الوصف فببادئ الرأي وأول النظر من غير تتبع الصور، والوقوف على التخلف وعدمه بظن العلية، فإذا أمعن في ما هو شرط العلية من أحد الأمرين إما ثبوت الحكم معه في جميع الصور أو وجود مانع من ثبوته؛ إذ لو انتفى فلا علية، فإن علم تحققه استمر الظن وإلا زال واستمرار ظن كونها أمارة يتوقف على أحدهما، وهما على ابتداء ظنها فلا دور.