(فصل): [في انعكاس العلة]
  (وقيل: يشترط فيها ذلك) وهو الانعكاس (ومبنى الخلاف) في اشتراط الانعكاس وعدمه (على جواز تعليل الحكم الواحد بعلتين فصاعداً مجتمعتين على البدل) بأن تكون كل واحدة منها مستقلة باقتضاء الحكم (وعلى منع ذلك) فمن جوزه لم يشترطه، ومن منعه اشترطه، لأنه إذا جاز ذلك صح أن ينتفي الوصف ولا ينتفي الحكم لوجود الوصف الآخر وقيامه مقامه، وأمَّا إذا لم يجز فثبوت الحكم دون الوصف يدل على أنه ليس علة له، وأمارة عليه وإلا انتفا الحكم بانتفائه لوجوب انتفاء الحكم عند انتفاء دليله، أما على رأي المصوبة فلأن مناط الحكم عندهم العلم أو الظن، وأمَّا على رأي المخطئة فلئلا يلزم التكليف بالمحال؛ لأن الامتثال والإتيان بالفعل بدون العلم أو الظن بالتكليف وتعلق الخطاب به محال؛ ولأن الباعث لازم للحكم إما بطريق الوجوب كما هو رأي المعتزلة أو بطريق التفضُّل كما هو رأي الأشاعرة فينتفي الحكم عند انتفائه ولا يلزم انتفاء المدلول بانتفاء الدليل على الإطلاق، وإلا لزم من انتفاء الدليل على الصانع انتفاء الصانع وإنه باطل.
  نعم، يلزم انتفاء العلم أو الظن بالصانع، فإنَّا نعلم قطعاً أن الصانع لو لم يخلق العالم أو تخلف فيه الدلالةَ لما لزم انتفاؤه قطعاً.
  (وفي اشتراط ذلك في العقلية خلاف) قال الرازي ما معناه وأوجب أصحابنا العكس في العلل العقلية، ولم توجبه المعتزلة واختار كلام المعتزلة، واستدل على ذلك بأن المختلفين يشتركان في كون كل واحدٍ منهما مخالفاً للآخر، وتلك المخالفة من لوازم ماهيتهما واشتراك اللوازم مع اختلاف الملزومات يدل على قولنا.
  (و) إذا عرفت أن مبنى الخلاف على جواز التعليل بعلتين، فاعلم أنه (اختلف في تعليله) أي الحكم الواحد (بعلتين فصاعداً مجتمعتين فقيل: يجوز مطلقاً) سواء كانتا منصوصتين أو مستنبطتين.
  وقال (الإمام) يحيى (والجويني والغزالي): [يجوز عقلاً، و] (يمتنع) [شرعاً] (مطلقاً)، أي في المنصوصتين والمستنبطتين، وحكاية المؤلف عن الجويني هي حكاية الإمام في القسطاس، وحكاية مختصر المنتهى عنه أنه يقول: بالجواز، ويمنع الوقوع، وقسم شارحه القول بالجواز إلى قولين: قول