الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثالث عشر من أبواب الكتاب: باب القياس

صفحة 402 - الجزء 2

  بالوقوع، وهو قول الجمهور، وقول بالامتناع، وهو قوله: وكلامه في البرهان على ما نقله السعد يقضي بما ذكره المؤلف، [والأشاعرة أعرف بمذهبه]⁣(⁣١).

  (والمختار وفاقاً لبعض الأشعرية) وهو الباقلاني والرازي والبيضاوي وابن فورك (جوازه) أي تعليل الحكم الواحد بعلتين (في) العلتين (المنصوصتين لا المستنبطتين، وقيل عكسه) وهو أنه يجوز في المستنبطتين لا المنصوصتين.

  وقال (الحفيد: يجوز مطلقاً، إلا إذا كان إحداهما مؤثرة) والأخرى شبهية، (أو مناسبة والأخرى شبهية) قال القاضي عبد الله: ولا يتهيأ من الشبهية مع المؤثرة إلا ما ثبت بطريق الطرد والعكس، فأمَّا ما كان طريقها السبر وإبطال الأوصاف إلا الوصف الشبهي فلا يثبت في المسألة؛ لأن العلة المؤثرة لم تبطل كما ذكره الشيخ.

  لنا على المذهب المختار: أما جوازه في المنصوصتين فهو أنه لو لم يجز لم يقع ضرورة وقد وقع، فإن اللمس والمس والبول والمذي والغائط أمور مختلفة الحقيقة وهي علل مستقلة للحدث لثبوت الحدث لكل منها وهو معنى الاستقلال.

  فإن قيل: المبحث توارد العلل ولا توارد هاهنا؛ لأنها لو وقعت بالترتيب فالحدث بالأول أو معاً فالحدث بواحد غير معين.

  قلنا: ليس المبحث سوى كون الحكم بحيث يكون له علل مستقلة يقع بأيها كانت، ولو سلم فعند الإجتماع يقع بكل منها على أنه حقيقة لا مجاز، للقطع بأنه لو حلف لم يقع له حدث البول مثلاً حنث، ولا يمتنع ذلك كما لا يمتنع اجتماع الأدلة على مدلولٍ لما علمت أن العلل الشرعية أدلة؛ ولأنه لا مانع أن يُعَيِّنَ الله للحكم أمارتين، وأمَّا امتناعه في المستنبطين فلأنها إذا اجتمعت أوصاف كل صالح للعلية حكمنا بكون كل واحدٍ جزءاً لعلة؛ إذ الحكم بالعلية دون الجزئية تحكم، لقيام الاحتمالين في نظر العقل، ولا نص يعين أحدهما، وإلا رجعت منصوصة وهو خلاف المفروض.

  واعترض هذا أما أولاً: فبأنه معارض بأن الحكم بالجزئية دون العلية تحكم أيضاً.

  وأمَّا ثانياً: فإنه لما ثبت الحكم بكل عند الانفراد استنبط العقل أن كلاً منها علة مستقلة عند الاجتماع لا الكل وإلا لما ثبت في الحكم محال إفرادها فيحكم حينئذ باستقلال كل منها.


(١) ما بين المعكوفات في هذه الفقرة زيادة من النسخة (أ)، وساقط من النسخة الأصلية.