فصل: [في المشترك]
  الأوَّل: إطلاقه على كل من المعنيين على سبيل البدل بأن يطلق تارة ويراد هذا، ويطلق تارة أخرى ويراد ذاك، ولا نزاع في صحته في كونه حقيقة.
  الثاني: إطلاقه على أحد المعنيين لا على التعيين بأن يراد في إطلاق واحدٍ هذا أو ذاك، مثل ليكن ثوبك جوناً أي أبيض أو أسود، قيل: وليس في كلام أحد ما يشعر بإثباته أو نفيه إلا ما يشير إليه كلام بعضهم من أن ذلك حقيقية المشترك عند التجرد.
  الثالث: إطلاقه على مجموع المعنيين بأن يراد به في إطلاقٍ واحد المجموع المركب من المعنيين، بحيث لا يفيد أن كلاً منهما مناط الحكم، ولا نزاع في امتناع ذلك حقيقة، وفي جوازه مجازاً إن وجدت علاقة مصححة.
  فإن قيل: علاقة الجزء والكل متحققة قطعاً.
  قلنا: ليس كلما يعتبر جزءاً من مجموع يصح إطلاق اسمه عليه، للقطع بامتناع إطلاق الأرض على مجموع السماء والأرض بناء على أنها جزؤه.
  الرابع: إطلاقه على كل واحدٍ منهما بأن يراد به في إطلاق واحد هذا وذاك، على أن يكون كل منهما مناط الحكم ومتعلق الإثبات والنفي، وهذا هو المتنازع فيه.
  وفرق ما بينه وبين الثالث فرق ما بين الكل الإفرادي والكل المجموعي.
  يوضحه: أنه يصح كل فرد تسعه هذه الدار، ولا يصح كل الأفراد، ويصح كل الأفراد يرفع هذا الحجر، ولا يصح كل فرد، انتهى.
  فمعنى قوله (على كلّ معانيه) أنه يراد به في إطلاق واحد كل واحد منها، وذلك غير إرادة مجموع المعاني، فقد أردت بالقرء الطهر والحيض في المثال السابق أي كل واحدٍ منهما، ففي كل واحدٍ مناط الحكم ومتعلق النفي والإثبات.
  وقوله (غير المتنافية) وهي ما يمتنع الجمع بينها في الإرادة، كاستعمال صيغة أفعل في الأمر والتهديد على فرض اشتراكهما فيهما، فإن فيه مانعاً؛ لأن الأمر يقضي إيقاع الفعل والتهديد تركه، ولا يعني بالمتنافية إلا هذا؛ لأنه يصح بحسب الحكم الجمع بينهما مثل القرء من صفات النساء، والجون جسم.
  وقوله: (مطلقاً) أي من حيث القصد واللغة في النفي والإثبات والجمع والإفراد.