الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثالث عشر من أبواب الكتاب: باب القياس

صفحة 404 - الجزء 2

  طالب لاح كفلق الصبح أن ذلك ممتنع شرعاً ليس ممتنعاً عقلاً، ثُمَّ ادعى فيما تقدم من سببية الحدث أن الأحكام متعددة للإنفكاك، ولذا فإنه قيل: إذا نوى رفع أحد أحداثه لم يرتفع الآخر.

  قلنا: لا نسلم أنه لم يقع ولم ينقل كما في الصورة المذكورة، وأنَّى له إثبات التعدد في الحدث، والتجويز لتعدد الأحكام لا يلغيه؛ لأنه مستدل.

  العاكس قال: المنصوصة قطعية بمعنى أن الشارع بين ما كان باعثاً له على الحكم فلا يقع فيما عينه التعارض والاحتمال، وهذا بخلاف المستنبطة فإنها ليست بقطعية فيمكن أن يكون الباعث هذا كما يمكن أن يكون ذلك على سواء، وقد يرجح كل بما يثبته من مسالك العلة فيحصل الظن بعلية كل منها.

  قلنا: إن المنصوصة هاهنا في مقابلة الاستنباط لا الظهور حتَّى يستلزم القطعية، ولو سلم فتعدد البواعث جائز فلا يكون في اجتماعها تعارض حتَّى يلزم تعارض القطعيات، ولا نسلم حصول الظن بعلية كل منها مع اجتماعها.

  الحفيد قال: إذا كان إحداهما مؤثرة والأخرى شبهية فإنه يبعد أن تقوى على الظن، ولا تكاد تنفصل عن الطرد كالتعليل بالرائحة الفائحة مع السكر المنبه عليه، وإن كان إحداهما مناسبة والأخرى شبهية فكذلك إذ لا يتحرك الظن في هذه الصورة.

  (وقد توجد) العلل المجتمعة (مترتبة) والأكثر أن توجد واحدة فقط، لكن قد يخلفها إذا لم يوجد غيرها.

  ومثال ذلك: الحيض بعد الجنابة فإنهما علتان في عدم دخول المسجد وقراءة القرآن مترتبتين، وهذه المسألة جعلها الحفيد والإمام مع الأولى فغلطا في ذلك وسميا هذا عكس العلة، فوقع الاسم على غير مسماه، والصواب ما فعله المصنف اقتداء بابن الحاجب في مختصره.

  (و) قد توجد أيضاً (دفعة) كمن ارتد وقتل وزنا محصناً في حالة واحدة.

  (واتفق القائلون بالجواز) أي جواز تعدد العلل (على أنها إذا ترتبت ثبت الحكم بأولها)، لأنه حين حصل اقتضى الحكم، وما حصل بعده إنما هو مؤكد.