الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثالث عشر من أبواب الكتاب: باب القياس

صفحة 405 - الجزء 2

  ومثال ذلك: لو قتل ثم زنا ثم ارتد فإنه يثبت قتله بالأول، وينبغي أن يزاد وقوعاً، ليدخل ما إذا دبر السيد عبده ثُمَّ كاتبه فإنه يثبت العتق بالسابق من موت السيد وتأدية مال الكتابة، وإن كان الوقوع اللفظي هو التدبير.

  (واختلفوا إذا ثبتت دفعة) كمن مس ولمس وبال معاً (فالمختار أن كل واحدة علة) مستقلة حقيقة، (كما لو انفردت، وقيل): كل واحد (جزء) والعلة المجموع.

  (وقيل) العلة (واحدة لا بعينها).

  لنا: لو لم تكن كل واحدةٍ علة مستقلة لكانت كل واحدةٍ جزءًا، أو كانت العلة واحدة، لأنه إذا سلب العلية عن كل واحد مع ثبوتها، فإما أن تثبت للمجموع فيكون كل جزء منها، أو لبعضها فيكون هي العلية، وكلاهما باطل، فالأَوَّل: وهو الجزئية لثبوت استقلال كل⁣(⁣١)، والثاني: وهو كون العلة واحدة، فلأنه مع تساويها تحكم محض.

  ولنا أيضاً: لو امتنع كون كل علة لا تمنع اجتماع الأدلة على مدلول لما علمت أن العلل الشرعية أدلة واللازم منتف باتفاق.

  القائل بأن كلّ واحدة جزء العلة قال: لو كانت علة مستقلة لزم اجتماع المثلين لجواز اجتماعهما في محل واحد، وكل واحدة منها توجب مثل ما يوجِب الآخر، فموجباهما مثلان، وقد اجتمعا في المحل واللازم محال؛ لأن اجتماع المثلين في محل يوجب اجتماع النقيضين؛ لأن المحل يستغني في ثبوت حكمها له بكل واحدٍ عن واحد، فيكون مستغنياً عنهما غير مستغن عنهما.

  مثلاً: لو فرضنا علمين بمعلوم واحد في محل واحد لثبت له حكم العلم وهو العالمية، وإنه حكم واحد لا تعدد له فيه، فيكون في العالمية محتاجاً إلى كل واحد من العلمين مستغنياً عنه بالآخر أو واحدة فقط، فيلزم التحكم:

  لأنه إمَّا أن يثبت بالجميع فيكون لكل واحد مدخل في ثبوته.

  أو لا بل لبعضها دون بعض والأول هو المدعي وقد فرض عدمه فتعين الثاني وهو تحكم محض.


(١) هكذا قاله عضد الدين، قال سعد الدين: إن أراد الإستقلال في الجملة، أو بمعنى كونها بحيث ثبت الحكم بها وحدها عند الإنفراد، فغير مفيد، وإن أراد الإستقلال عند الإجتماع، بمعنى ثبوت الحكم بها بالفعل، فنفس المتنازع. تمت من هامش النسخة (أ).