الباب الثالث عشر من أبواب الكتاب: باب القياس
  المسمى وجودياً امتنع أن يكون شيء من الإضافات المخصوصة وجودياً، وإنما قلنا: إن مسمى الإضافة ليس أمراً وجودياً؛ لأنه لو كان هذا المسمى وجودياً لا محالة لكان أينما حصل هذا المسمى كان وجودياً، فإذا فرضنا في إضافة ما كونها أمراً وجودياً كانت لا محالة صفة لمحل، فكان حلولها في ذلك المحل إضافة بينها وبين ذلك المحل، فكان مسمى الإضافة حاصلاً في حلول تلك الإضافة في ذلك المحل، فإذا كان ذلك المسمى أمراً وجودياً كانت إضافة الإضافة أمراً وجودياً زائداً على الإضافة الأولى إلى غير النهاية، وإذا ثبت ذلك وجب أن لا يكون الشيء من الإضافات المخصوصة وجودياً، فثبت أن مسمى الإضافة يمتنع أن يكون وجودياً، وإذا ثبت ذلك وجب أن لا يكون شيء من الإضافات المخصوصة وجودياً، لأن الإضافة المخصوصة ماهية مركبة من الإضافة والخصوصية، فلو كانت أمراً وجودياً لكان الوجودي إمَّا قيد الإضافة أو قيد الخصوصية، والأوّل باطل لما تقدم، والثاني باطل لأن خصوصية الإضافة صفة للإضافة، فلو كانت الخصوصية أمراً ثبوتياً لزم حلول الوجود في النفي المحض، وأنه محال، فثبت أن سبباً من الإضافات يمتنع أن يكون موجوداً فهو معدوم، فالتعليل بالعدم جائز عندنا وغير جائز عند الخصم، هكذا قال الرازي، وهذا هو قول المتكلمين.
  قال ابن أبي شريف: وعند الفقهاء أنها ليست عدم شيء، وإنما هي نسبة تعرض للشيء بالنسبة إلى نسبة أخرى، ويصح أن يكون حقيقة وهي ما يمكن تعقله باعتبار نفسه كتعليل حرمة الخمر بالإسكار.
  [٦] (و) يصح أن تكون (مركبة من الحقيقية والإضافية والنفيية) كتعليل وجوب القصاص بالقتل العمد الذي ليس بحق، فالقتل صفة حقيقية؛ لأنها صفة ظاهرة، والعمد صفة إضافية لعدم استقلالها، وإنما هي بالنسبة إلى القتل، والنفيية ليس بحق وهو ظاهر.
  وقد تكون مركبة من الأولين: كقولنا: قتل صدر من الأب فلا يجب به القصاص.
  أو من الأولى والثالثة: كتعليل وجوب القصاص على قاتل الذمي بكونه قتلاً بغير حق.
  [٧] (و) يصح كون العلة (مفردة) وفاقاً، وهي ما كانت من وصف واحد، كالطعم في البر، والكيل والنجاسة، وهي أكثر العلل جرياناً، لأن العلة مهما كانت من وصف واحد اتسع محلها، وكثرت فروعها.