الباب الثالث عشر من أبواب الكتاب: باب القياس
  [٨] (و) يصح أن تكون (مركبة) وهي ما كان حقيقتها مؤلفة من أوصاف متعددة (على المختار) من القولين وهي في تركيبها على أوجه ثلاثة:
  أولها: أن تكون مركبة من وصفين كالتعليل بالطعم والجنسية في أحد قولي الشافعي.
  وثانيها: أن تكون مركبة من ثلاثة كتعليل وجوب القصاص بالقتل العمد العدوان.
  وثالثها: أن تكون مركبة مما زاد على ذلك.
  وهل يكون تركيبها منحصراً في عدد؟:
  المختار: أنه لا ينحصر وقد بين ذلك بقوله: (وإن زادت على خمسة) أوصاف، وهذا (في الأصح) وقد حكى الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في كتابه اللمع عن بعض الأصوليين أنَّ من قال بتركيب العلة من العلماء فإنه لا يجوز أن تكون أوصافها زائدة على خمسة، وهذا حصر لا وجه له، وإنما المعتمد عليه في الدلالة هو الاستقراء لأوصاف العلة وقيودها وأجزائها، فإن احتمل الحال الزيادة على هذا العدد قضينا به وإلا فلا، هكذا قاله الإمام.
  وقد يقال: حجته الاستقراء من قائله.
  وحكى الرازي عن أبي إسحاق أنه حكى عن بعض الأصوليين أن تركيب العلة لا يزيد على سبعة.
  قال الإمام: وأظنه وهم في الحكاية والنقل، فإن المذكور في اللمع عن أبي إسحاق هو ما ذكرناه من كونها لا تزيد على خمسة فقط.
  لنا: على صحة العلة المركبة أنه لا يمتنع أن تكون الهيئة الاجتماعية من أوصاف متعددة مما يظن غلبته بالدليل، إمَّا بدلالة صريحة بنص أو مناسبة، وإما باستنباط من سبر أو شبه كما يظن في الواحد، وما يثبت به علية الواحد يثبت به علية المتعدد من غير فرق، والفرق تحكم.
  قالوا: لو كانت العلة أوصافاً متعددة لكان عدم كل جزء علة تامَّة لأنها صفة العلية، لأن تحقق صفة العلية موقوف على تحقق جميع الأوصاف، فيلزم انتفاؤها لانتفاء كل وصفٍ وهو معنى العلية، ولا يصح أن تكون علة الانتفاء صفتها؛ لأنه إذا حصل عدم صفة العلية بعدم وصفٍ ثُمَّ عدم وصف ثان لزم تخلف معلوله وهو انتفاء العلية عنه، وذلك لأن تجدد عدم على ما قد عدم مرة لا يتصور، فإن إعدام المعدوم كإيجاد الموجود تحصيل الحاصل.