الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثالث عشر من أبواب الكتاب: باب القياس

صفحة 414 - الجزء 2

  (و) الرابع: (صدور أحكام) متماثلة (عن علل) مختلفة، كما إذا حصل القتل عدواناً والزنا والردة من أشخاص ثلاثة، فإن كلاً منهم يستحق القتل، والأحكامُ وهي زوال الحياة متماثلة والعلل مختلفة ويعني بالتماثل هنا الاتفاق في الصورة.

  (ولا خلاف في القسم الأول) وهو صدور الحكم الواحد عن علةٍ واحدةٍ (ومنه أكثر الأحكام) الفقهية.

  (وقد يكون) صدور الحكم عن العلة (بغير شرط) كما يقول في نجاسة الكلب فإنها مؤثرة بنفسها في تحريم بيعه من غير اعتبار شرط هناك.

  (و) قد يكون صدوره عنها (بشرط) كالكيل فإنه يؤثر في تحريم ربا الفضل بشرط الجنسية، (وبشرطين) كالزنا فإنه يصدر عنه الجلد بشرط التكليف وعدم الشبهة، (وشروطٍ) كالسرقة فإنه يصدر عنها القطع بشرط النصاب والحرز وعدم الشبهة والتكليف وغير ذلك.

  (والثاني) وهو صدور الحكم الواحد عن علتين (مختلف فيه على أقوال تقدمت) في الفصل الذي قبل هذا.

  (والثالث) وهو صدور حكمين فصاعداً عن علةٍ (قيل: ممتنع، والمختار جوازه) لأنه لا بُعدَ في مناسبة وصف واحد لحكمين، - (إثباتاً كالسرقة) فإنها علة (للقطع) تحصيلاً لمصلحة الزجر، (والفسق) للسارق تحصيلاً للانزجار أيضاً، والتغريم تحصيلاً لمصلحة جبر بعض المال، (أو نفياً كالحيض) فإنه علة في النفي (للصلاة والصوم وغيرهما) كالجماع ودخول المسجد، ولا بُعد في اشتمال وصفٍ واحد على مصالح جمَّة.

  احتج المانع: بأنه محال إذ يلزم منه محال وهو تحصيل الحاصل؛ لأن معنى مناسبته للحكم أن مصلحته حاصلة عند الحكم، والحكم الواحد تحصيل المصلحة المقصودة منه، فإذا حصل الحكم الثاني تحصلها مرة أخرى، وأنه تحصيل الحاصل.

  قلنا: لا نسلم لزوم تحصيل الحاصل لجواز أن يحصل الحكم الآخر مصلحة أخرى كما في مثال السارق، وأن المصلحة المقصودة لا تحصل إلا بهما كما في الزنا، فإنه مثبت للجلد والتغريب ليحصل بهما الزجر التام، ولا يخفى سقوط هذا القول بعد البيان بالأمثلة.