(فصل): [في أقسام العلة، والطرق إلى إثباتها]
  (وهي تنقسم إلى مؤثرة) بالمعنى الأخص وإلا فكل وصفٍ معتبر مؤثر في الحكم (ومناسبة وشبهية وطردية) ودليل الانحصار: أنَّ العلة إن دل عليها السمع فهي المؤثرة، فإن لم يدل: فإن ناسبت حكمها لذاتها فهي المناسبة، وإن ناسبت لا لذاتها فهي الشبهية، وإن لم يكن فيها مناسبة فهي الطرديَّة:
  (فالمؤثرة: ما دل عليها السمع على مراتبه) النص وتنبيه النص والإجماع (وإن لم يظهر فيها مناسبة) للحكم؛ لأن النصوصيَّة لا يشترط فيها ظهور المناسبة.
  وإلى الثاني بقوله: (وطرقها) أي العلة المؤثرة (ثلاث):
  (الأولى: النص: وهو اللفظ الدال على العلية صريحاً فإن لم يحتمل غيرها) أي العلية (فقاطع في العلية نحو: لعلة) كذا (أو لسبب) كذا (أو لمؤثر) كذا (أو لموجب) كذا (أو لأجل كذا) كقوله ÷: «إنما جعل الاستئذان لأجل البصر» وقوله: «إنما نهيتكم - يعني عن لحوم الأضاحي في الحديث الراوي له الجماعة - لأجل الدافة) أي لأجل التوسعة على الطائفة التي قدمت المدينة في أيام التشريق، والدافة - بالدال المهملة - مشتقة من الدفيف، وهو السير اللين، ومنه قولهم: دفت علينا بني فلان دافة، قاله الجوهري، (أو من أجل) كذا، قال الله تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ}[المائدة: ٣٢]، (أو ما أشبهها) في التصريح، ككي، قال تعالى: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ}[الحشر: ٧].
  (وإن احتمل غيرها) قال الجويني والآمدي: مع كون ذلك الغير مرجوحاً (فظاهر فيها) أي في العلية.
  واعترض الأسنوي قسمة النص إلى قاطع وظاهر، بأنَّ الظاهر قسيم النص لا قسم منه.
  [وأقول: لا وجه لاعتراضه، لأن سعد الدين وغيره قد صرحوا غير مرة بأن النص قد يرد ويقابله الإستنباط، وقد يرد ويقابله الظاهر، والمراد هنا الأول، فاعرف وانتفع به في مواضع كثيرة](١)، إذا عرفت ذلك:
  فالظاهر: (نحو: لكذا) قال تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ}[الإسراء: ٧٨]، (أو إن كان(٢)) كذا، مثل: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}[المائدة: ٦]، (أو بكذا) كقوله تعالى {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ
(١) ما بين القوسين زيادة من هامش النسخة (أ)، وصححها من الأصل، وعلق عليها بعض المحشين بقوله:
لكنه لا معنى لمقابلته بالإستنباط هنا، لأنه قد جعل مقابله تنبيه النص، وهو ليس من الإستنباط، ولعله أراد به هنا ما دل على المعنى دلالة صريحة. تمت.
(٢) جعل الآمدي إن هي المشددة المكسورة، وفي المنتهى وشرح المختصر غير العضد أنها المخففة المفتوحة، =