الباب الثالث عشر من أبواب الكتاب: باب القياس
  لَهُمْ}[آل عمران: ١٥٩]، {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ}[النساء: ١٦٠]، أي بسبب الرحمة لنت لهم، وبسبب الظلم منعناهم، وإنما كانت هذه ظاهرة؛ لأن هذه الحروف قد تجيء لغير العلية، فاللام للعاقبة مثل لدوا للموت وابنوا للخراب، وإن للشرطية أي اللزوم من غير سببية، ولمجرد الاستصحاب وهو ثبوت أمر على تقدير أمر بطريق الاتفاق، والباء للمصاحبة والتعدية والزيادة، وقال في المحصول: وأصلها للإلصاق، ولكن العلة لما اقتضت وجود المعلول حصل فيها معنى الإلصاق، فحسن استعمالها فيه مجازاً، وهذا الكلام صريح في أنها لا تحمل عند الإطلاق على التعليل، وحينئذ فلا تكون ظاهرة فيه، قال الأسنوي: وهذا هو الصواب، (أو إذن) نحو قوله تعالى {إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ}[الإسراء: ٧٥]، وجعلها ابن الحاجب وصاحب الجمع، وقرره الأسنوي من الصريح، والمصنف نظر إلى أنها قد تستعمل لغير التعليل نحو: {قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ ٢٠}[الشعراء: ٢٠]، وإذن أظنك كاذباً فإنها هنا متمحضة للزمان لا معنى للتعليل فيها، (أو ما أشبهها) مما كان ظاهراً في العلية نحو من في قوله تعالى: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا}[نوح: ٢٥]، فإنها تحتمل غير التعليل مرجوحاً ونحو ذلك.
  (الثانية: تنيبه النص، ويسمى الإيماء، وليس من النص في الأصح) وفاقاً للمهدي وأبي الحسين والآمدي، وذلك لأن دلالته ليست بحسب الوضع، وخلافاً للغزالي وابن الحاجب فزعموا أن دلالته من باب الصريح نظراً إلى أن دلالته لفظية، وإن افتقرت إلى النظر والاستدلال، (وهو) أي تنبيه النص (اللفظ الدال على العلية) جنس يشتمل النص والإيماء، وقوله (على وجه
= وجعلها العضد المخففة المكسورة، وهو الذي ينبغي أن يعتمد عليه، وذلك لأن كون المشددة المكسورة موضوعة للعلية بعيد جداً، والدال على العلية في المخففة المفتوحة هي اللام المذكورة والمحذوفة.
نعم: ذكر عبد القاهر أنّ إن في مثل هذه المواضع تقع موقع الفاء، وتغني عنها، وهي في أكثر الكتب من قسم الصريح، مثل «إنها من الطوافين»، وجعلها بعضهم من قبيل الإيماء نظراً إلى أنها لم توضع للتعليل، وإنما وقعت في هذه المواضعلتقوية الجملة التي يطلبها المخاطب ويتردد فيها ويسأل عنها، ودلالة الجواب على العلية إيماء لا صريح، وبالجملة كلمة إن مع الفاء أو بدونها قد تورد في أمثلة الصريح، وقد تورد في أمثلة الإيماء، وقد يتعذر عنه بإنه صريح باعتبار أن والفاء، وإيماء باعتبار ترتب الحكم على الوصف، فاعرف. تمت من هامش النسخة (أ).