الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثالث عشر من أبواب الكتاب: باب القياس

صفحة 418 - الجزء 2

  الإيماء) أي الإشارة تخرج النص، وقوله (مع ذكر العلة وحكمها) زيادة محتاج إليها عند من يقول أنها إن ذكرت العلة والحكم مستنبط أو العكس فليس قائماً، وأما عند من لا يشترط ذلك فعدم الاحتياج إليه ظاهر، وكذلك على المذهب المختار لا حاجة إلى ذكر العلة كما ستقف على الخلاف في ذلك إنشاء الله تعالى (وهو أربعة أقسام):

  (الأول: ما) أي لفظ (يدخل فيه فاء التعقيب والتسبيب) إمَّا (في كلام الشارع) ودخولها فيه (إمَّا على العلة وهو الأقل والحكم متقدم عليها) أي على العلة (نحو) قوله ÷ الراوي له البخاري ومسلم في المحرم الذي وقصته ناقته: «لا تمسوه طيباً ولا تخمروا رأسه (فإنه يحشر يوم القيامة ملبياً) وروايتهما «يبعت»، وكذا قوله # في شهداء أحد: «زملوهم بكلومهم فإنه يبعثون يوم القيامة وأوداجهم تشخب دماً» فهذه واردة في الأسباب، والحكم وهو عدم إمساس الطيب، وكذا التخمير، وكذا التزميل متقدم على العلة وهي الجر والبعث.

  لا يقال: لو كانت ألفاظاً ظاهرةً في التعليل كما زعمتم بطريق التنبيه إلى العلة لما أنكرها أبو حنيفة وجعلها خاصة في ذلك الأعرابي؛ لأنا نقول: لم ينكر كونها علة من طريق الإيماء، لكن أنكر تعميم الحكم لاطلاع صاحب الشريعة من ذلك الأعرابي على مزيد تقوى ونوع إخلاص.

  (أو على الحكم، وهو الأكثر والعلة متقدمة) على الحكم (والحكم حينئذ، إمّا جواب شرط نحو) قوله تعالى: ({وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا}⁣[المائدة: ٢]) فالعلة الإحلال وهي متقدمة، والحكم الاصطياد وهو متأخر، (أو ما في معناه) أي معنى جواب الشرط (نحو) قوله تعالى: ({وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا) أَيْدِيَهُمَا}⁣[المائدة: ٣٨]، لأنه بمعنى إذا سرق السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما، (أو غير ذلك) أي غير جواب الشرط وما في معناه (كقوله صلى الله عليه لبريرة) لما عتقت من حديث طويل متفق عليه «ملكت نفسك فاختاري» يعني إما الفسخ من زوجها لكونه حينئذ غير كفؤ، أو البقاء على النكاح الأول، والحكمة في دخول الفاء تارة في الوصف وتارة في الحكم أن الفاء للترتيب، والباعث متقدم في العقل متأخر في الوجود، فيجوز ملاحظة تقدم الباعث في العقل وتأخره في الوجود دخول الفاء على كل من العلة والحكم، وابن الحاجب وإن جعل هذا من النص فإنه جعله دون ما قبله؛ لأن الفاء إنما تدل بحسب الوضع على الترتيب ودلالتها على العلية إنما تستفاد بطريق النظر والاستدلال، (أو) تدخل (في كلام الراوي نحو) قول عمران بن الحصين