الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثالث عشر من أبواب الكتاب: باب القياس

صفحة 419 - الجزء 2

  (سهى) رسول الله ÷ (فسجد) أخرجه أبو داود وغيره، (وزنا ماعز فرجم)، (ورضخ يهودي رأس جارية على أوضاح لها من ذهب فرضخ رسول الله رأسه)، فدخلت على الحكم كما ترى، فأمَّا دخول الفاء على العلَّة في كلام الراوي فقال الأسنوي: لم يظفر له بمثال، وهذا يقبل (فقيهاً كان) الراوي (أو غير فقيه) لأنه لو لم يفهم ترتيب الوصف على الحكم لم يقله (خلافاً لأبي حنيفة) نظراً إلى أن الراوي إذا لم يكن فقيهاً لم يفهم ترتيب الوصف على الحكم، وهذا دون ما قبله لاحتمال الغلط إلا أنه لا ينفى الظهور.

  فإن قيل: الفاء في هذا القسم داخل في الحكم دون الوصف، مع أن الراوي يحكي ما كان في الوجود.

  قلنا: الباعث قد يتقدم في الوجود أيضاً كما في قعدت عن الحرب جبناً.

  القسم (الثاني) من أقسام الإيماء: (ما اقترنت فيه العلة بحكم لو لم تكن هي) أي العلة (أو نظيرها) كما في قصة الخثعمية (علة له) أي لقول الشارع وحكمه (لكان ذكر الشارع لذلك الحكم بعيداً) عن الشارع الإتيان بمثله لمكان فصاحته وإتيانه بالألفاظ في مواقعها فيحمل على التعليل دفعاً للاستبعاد، فالذي العين فيه للتعليل (كقوله ÷ للأعرابي) المخرج له ابن ماجة وأصله في الصحيحين (القائل) هلكت وأهلكت، فقال ÷: ماذا صنعت؟ فقال: (واقعت أهلي في نهار رمضان) فقال: (اعتق رقبة) فإنه يدل على أن الوقاع علة للاعتاق؛ وذلك لأن غرض الأعرابي من بيان حكم مواقعته علة لبيان حكمها، وذكر الحكم جواب له ليحصل غرضه؛ لئلا يلزم إخلاء السؤال عن الجواب وتأخير البيان عن وقت الحاجة، يكون السؤال مقدراً في الجواب، (فكأنه قد قيل: إذا واقعت فكفر) وقد عرفت أن ذلك للتعليل، فكذا هذا، لكنه دونه في الظهور؛ لأن الفاء هاهنا مقدرة وثمة متحققة، ولاحتمال عدم قصد الجواب كما يقول العبد: طلعت الشمس فيقول السيد: اسقني ماء، قيل: ولأن كلاً من إخلاء السؤال عن الجواب وتأخير البيان عن وقت الحاجة، وإن بعد فليس بممتنع.

  (فإن تعددت أوصافها) أي العلة (واحتمل أن يكون علة الحكم مجموعها) أي الأوصاف (أو بعضها، ثُمَّ اعتبر بعض وألغي بعض بدليل الاعتبار والإلغاء) كقوله ÷: «من أعتق شركاً له في عبد قوّم عليه الباقي» فالذي يفهم من مطلق هذا الحديث هو تعليق