الباب الثالث عشر من أبواب الكتاب: باب القياس
  السراية من أجل إعتاق أحد الشريكين نصيبه وأنه هو الموجبُ للعتق لا محالة، ويبقى النظر في هذه الأوصاف بالإلغاء والاعتبار، فقوله: أعتق قيد يجب اعتباره عن البيع؛ لأنه لا يسري إلى نصيب الشريك، وقوله: شركاً قيد عن العبد الخالص، فإنه ملغى لأنه إذا سرى إعتاقه إلى نصيب شريكه فهو بالسراية إلى ملكه أحق، وقوله: له، قيد عن إعتاق عبد الغير، فإنه معتبر فإنه لا يجري في عتق عبد الغير بكل حال، ولو أجازه أيضاً ذلك لا غير، وقوله: في عبده، قيد عن الأمة، ولا وجه لاعتباره؛ لأنهما سببان في السراية؛ إذ لا مدخل للأنوثة والذكورة في ذلك، وإنما وجب من أجل الرق لا غير، (فتنقيح المناط وتهذيبه وتجريده) أي يسمى بهذه الثلاثة أي تلخيص ما ناط الشارع الحكم به أي ربطه به وعلق عليه العلة وتهذيبه وتجريده بالاعتبار والإلغاء.
  (و) مثال آخر لكون العين للتعليل قد أشار إليه بقوله: (كقوله ÷) الثابت في مسند أحمد وجامع الترمذي والنسائي وسنن أبي داود وابن ماجة وصححه ابن المديني والترمذي وابن حبان والحاكم (جواباً لمن قال: أيجوز بيع الربط بالتمر)؟، «أينقص (الرطب) إذا جف (ولفظها «إذا يبس») قال: نعم، قال: «فلا إذن» فوقف الحكم (وهو جواز بيع الرطب بالتمر) على العلة % وهي النقصان، ونبه أن النقصان علة منع البيع.
  قال عضد الدين: وكونه مفهوماً من الفاء، وإذن لا ينافي ذلك؛ إذ لو قدرنا انتفاؤهما لبقي فهم التعليل، ولعل ذكر هذا المثال لهذا الغرض وإلا فأوضح منه قوله # لابن مسعود وقد توضأ بماء نبذت فيه تميراث لتجذب ملوحته «تمرة طيبة وماء طهور»، فنبه على تعليل الطهورية ببقاء اسم الماء عليه.
  (و) أمَّا مثال (اقتران نظيرها) أي العلة فهو (كقوله ÷: «أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته أكان ينفعه) ذلك»؟، (جواباً للقائلة) امرأة من خثعم (إن أبي أدركته الوفاة، وعليه فريضة الحج أينفعه إن حججت عنه) فلمَّا قال لها ذلك قالت: نعم، قال #: «فدين الله أحق أن يقضى» سألته عن دين الله فذكر نظيره وهو دين الآدمي فنبه على التعليل به أي كونه علة للنفع وإلا لزم العبث، ففهم منه أن نظيره في المسئول عنه وهو دين الله، كذلك علة لمثل ذلك الحكم وهو النفع.
  نعم، الحديث في سنن النسائي من رواية عبدالله بن الزبير ولفظه: أن رجلاً من خثعم جاء إلى النبي ÷ فقال: إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الركوب وأدركته فريضة الحج