الباب الثالث عشر من أبواب الكتاب: باب القياس
  فهل يجزي أن أحج عنه، قال: أنت أكبر ولده؟ قال: نعم، قال: أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت تقضيه؟ قال: نعم، قال: فحج عنه.
  وفي الترمذي عن ابن عباس عن الفضل بن عباس أن امرأة من خثعم قالت: يا رسول الله، إن أبي شيخ كبير لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفاحج عنه؟ قال: نعم.
  وفي سنن النسائي عن ابن عباس الحديث، وفي أخرى أن رجلاً قال: يا نبي الله، إن أبي مات ولم يحج أفأحج عنه، قال: أفرأيت لو كان على أبيك دين أكنت قاضيه؟ قال: نعم، قال: فدين الله أحق.
  وفي أخرى: وهو شيخ كبير لا يثبت على الراحلة وإن شددته خشيت أن يموت.
  وفي الصحيحين والموطأ والسنن عن ابن عباس عن امرأة من خثعم: إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: نعم.
  وفي سنن النسائي مثله إلا أنه قال رجل، عوض امرأة، ورواية المصنف خارجة عما هنا، إذ روايته عن امرأة، وهي في النسائي عن رجل مختصرة وفي غيره من غير ذكر الموت، فتأمل.
  واعلم أن مثل هذا يسميه الأصوليون تنبيهاً على أصل القياس (وفيه) كما ترى (تنبيه على) ذلك (الأصل) وهو دين الآدمي (و) على صحة إلحاق (الفرع) بالعلة وهو دين الله على الميت، (و) على (العلة) أي علة الحكم في الأصل القياس التي كونهما ديناً.
  (و منه) أي هذا القسم (وفاقاً للجمهور) من العلماء (قوله ÷ لعمر لما سأله عن قبلة الصائم) هل يفسد الصوم من دون إنزال (أرأيت لو تمضمضت بماء) ثُمَّ مججته - أي لفظته - (أكان ذلك مفسداً) للصوم (فقال: لا) والحديث أخرجه أبو داود عن جابر، ولفظه أن عمر بن الخطاب قال: تهششت فقبلت وأنا صائم فقلت: يا رسول الله: صنعت اليوم أمراً عظيماً قبلت وأنا صائم، قال: «أرأيت لو تمضمضت بالماء» قلت: لا بأس، قال: «فمه»، فنبه على أن عدم ترتب المقصود على المقدمة علة لعدم إعطائها حكم المقصود، فذكر حكم المضمضة وهو عدم الإفساد، ونبه على علته وهو عدم ترتب المقصود، أعني الشرب عليها ليعلم أن القبلة أيضاً لا تفسد لعدم ترتب الوقاع عليها، فهذا من اقتران نظير العلة بحكم، و (ليس ينقض لما توهم عمر من إفساد مقدمة الإفساد) وذلك أنه توهم أن القبلة ينبغي أن تكون مفسدة للصوم، فلم ينقض النبي ÷ ما توهمه بالمضمضة التي هي مقدمة للشرب المفسد للصوم مع أنها