الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثالث عشر من أبواب الكتاب: باب القياس

صفحة 422 - الجزء 2

  ليست بمفسد له، بل أراد ما سبق (خلافاً للآمدي) فعنده أن عمر توهم أن كل مقدمة للمفسد فإنه يفسد، فنقض عليه ذلك بالمضمضة وليس ذلك تعليلاً لمنع الإفساد بكون المضمضة مقدمة للمفسدة لم تفضِ إليه؛ إذ ليس في ذلك ما يصلح علة لعدم الإفساد، وإنما يصلح له ما يكون مانعاً من الإفساد وكون ذلك مقدمة للفساد لم يفض إليه لا يصلح لذلك، غايته عدم ما يوجب الفساد ولا يلزم منه وجود ما يوجب عدم الفساد، فوجوده كعدمه.

  القسم (الثالث) من أقسام التنبيه (ما نهى فيه عما) أي فعل (يمنع من وجود الواجب) في وقت معين قد أوجب علينا فيه ما ينافي ذلك الفعل؛ إذ يشعر بأن علة تحريمه كونه مانعاً من الواجب (كقوله تعالى) {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ (وَذَرُوا الْبَيْعَ)}⁣[الجمعة: ٩]، فإن النهي (بعد الأمر بالسعي) منبه على أن العلة في تحريم البيع حينئذ كونه مانعاً من الواجب.

  القسم (الرابع) من أقسام التنبيه: (ما فرق فيه بين حكمين بصفة) فيعلم أن ذلك الوصف علة لذلك الحكم، وإلا لم يكن لتخصيصه بالذكر فائدة، وإذا كان كذلك فالفرق بينهما إمَّا (مع ذكرهما) أي الحكمين (نحو) قوله ÷ الثابت في الصحيحين (للراجل سهم وللفارس سهمان) فقد فرق بين هذين الحكمين بهاتين الصفتين، (أو) مع (ذكر أحدهما فقط مقتطعاً من عموم سابق كقوله ÷) المخرج له الترمذي «القاتل عمداً لا يرث» بعد نزول آية المواريث العامَّة) فإنه لما قدم بيان حال من يكون وارثاً ومن لا يكون وارثاً، ثم قال: القاتل ... الخ، فرق بذكر هذه الصفة بين كونه وارثاً وكونه غير وارث، فعرفنا أن العلة في الحرمان هو القتل ولم يذكر هنا غير القاتل وإرثه، (وقوله ÷) المخرج له الشيخان «لا يقضي القاضي وهو غضبان»، بعد تقدم الأمر بالقضاء مطلقاً) من غير تعرض لغير حالة الغضب، والمؤلف اتبع صاحب الجوهرة في جعل هذا من باب القاتل عمداً لا يرث، وابن الحاجب جعله مرتبة على حياله من مراتب الإيماء، ورسمه بأن يذكر الشارع مع الحكم وصفاً مناسباً له، فإن فيه تنبيهاً على أن الغضب علة عدم جواز الحكم؛ لأنه مشوش للنظر وموجب للاضطراب، ومثله أكرم العلماء وأهن الجهال، وذلك لما ألف من الشارع اعتباره للمناسبات فيغلب على الظن من المقاربَة مع المناسبة ظن الاعتبار وجعله علة، هذا إذا فرق فيه بين حكمين بصفة، وأمَّا إذا فرق فيه بينهما بغيرها فقد أشار إليه بقوله:

  (أو) فرق فيه بين حكمين (بشرط أو غاية أو استثناء أو استدراك):