الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في أقسام العلة، والطرق إلى إثباتها]

صفحة 423 - الجزء 2

  فالأول: (كقوله ÷: «إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم») فقد فرق بين حكمين وهما جواز التفاصيل في غير الجنس وتحريمه في الجنس بشرط وهو الاختلاف، ففيه إيماء إلى أنه العلة، وهذا الحديث روى معناه مسلم والنسائي.

  والثاني: وهو الغاية كقوله تعالى: ({وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ}⁣[البقرة: ٢٢٢]) فقد فرق بين حكمين وهما تحريم المقاربة وجوازها بغاية وهي الطهارة، فهذا إيماء إلى أنه العلة.

  والثالث: وهو الإستثناء، مثل قوله تعالى ({فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ}⁣[البقرة: ٢٣٧])، فقد فرق بين حكمين وهما استحقاق النصف، وسقوط استحقاقه بالعفو ففيه إيماء إلى أنه العلة.

  ومثال الرابع: وهو الاستدراك: قوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ (وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ)}⁣[المائدة: ٨٩]، فقد فصل في الحكم بين اللغو والمعقودة، وهذا إذا ذكر الحكم والوصف جميعاً فإنه تنبيه إجماعاً.

  يتفرع على ذلك إذا ذكر أحدهما والآخر مستنبط هل يكون كل منهما شبهياً أو لا؟ أو يفصل في ذلك؟ وإلى ذلك التفريع أشار بقوله:

(فرع)

  (فإن ذكرت العلة فقط والحكم مستنبط نحو) قوله تعالى: ({وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ}) [البقرة: ٢٧٥]، فإن حل البيع علة له قد ذكرت فعلم منه حكمها وهو الصحة (أو عكسه) وهو أن يذكر الحكم والعلة المستنبطة، وذلك كثير، منه أكثر العلل المستنبطة (كالخمر حرام فقيل كل منهما إيماء) تقدم عند التعارض على المستنبطة بغير إيماء (بناء على أنه) أي التنبيه (اقتران العلة بالحكم) سواء كانا مذكورين أو أحدهما مذكوراً والآخر مقدراً.

  (وقيل: ليسا بإيماء بناء على أنه لا بد من ذكرهما) أي العلة والحكم (معاً) إذ به يتحقق الاقتران (والمختار وفاقاً لأكثر المحققين) كالآمدي وغيره (أن الأوَّل) وهو ذكر العلة واستنباط الحكم (إيماء، لا الثاني) وهو ذكر علة الحكم واستنباط العلة، (لأن ذكر علة الحكم كذكره لاستلزامها إياه) وإثبات مستلزم الشيء يقتضي إثباته، والعلة (كالحل) فإنه مستلزم (لصحة البيع) التي هي الحكم فيكون بمثابة المذكور، فيتحقق الاقتران واللازم ولا يقتضي إثبات الملزوم، فلا يكون الملزوم في حكم