الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثالث عشر من أبواب الكتاب: باب القياس

صفحة 425 - الجزء 2

  فالأوَّل: كقوله #: «القاتل عمداً لا يرث» فظاهر هذا يدل على حرمان القاتل مطلقاً، لكنا أخرجنا القاتل حداً أو قصاصاً عن عموم الخبر لما فهمنا منه الجناية والتعدي، وهذا غير حاصل فيما قلناه من القتل حداً وقصاصاً، ولذلك أنا نورث القاتل خطأ من المال دون الدية، وهي رأي مالك والبستي؛ لأن الدية لزمت بقتله، فكيف يقال: إنها مأخوذة منه وهي مصروفة فيه، وزعم الفقيهان حسن ومحمد بن يحيى أنه محروم منها للجناية، فالسبب في الاختلاف إنما هو التعويل على المناسب والإخالة في مناط الحكم.

  والثاني: وهو ما يكون من جهة السياق كقوله تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ}⁣[الجمعة: ٩]، فظاهر الآية يقضي بالنهي عن البيع وقت النداء، ولكنا نقول: ليس منهياً عنه لعينه؛ لأنا فهمنا من سياق الآية المنع مما يصد عن ذكر الله تعالى وقت النداء، فيكون عاماً في كل صاد بيعاً أو غيره فلذلك شركنا في ذلك ما كان مثله في المنع من النكاح والإجارة وسائر أنواع المعاملة.

  والثالث: وهو ما يكون بالنصوص: كالزنا فإنه علق عليه الحد، ولكن تعليقه عليه هل كان لكونه زنى حتَّى لا يتعدى إلى اللواط، أو المعنَى يتضمنه وهو إيلاج فرج في فرج، فيشاركه فيه، فالزنا غير اللواط، لكنا أخذنا تسميته زانياً من جهة النص كقوله #: «إذا أتى الرجل الرجل فهما زانيان» فلهذا ألحقناه به وإن لم يكن زانياً.

  فإن قلت: على من الدلالة؟ هل على من يضيفه إلى عينه أو على من يضيفه إلى معنى تضمنه؟.

  قلنا: الدلالة متوجهة على من يدعي خلاف الظاهر وهو من يضيفه إلى معنى؛ لأن الأول معه دلالة ظاهر اللفظ، فصارت أدنى متمسك فلا نفتقر إلى دلالة.

  (الثالثة) من طرق العلة المؤثرة (الإجماع) على كون الوصف الفلاني علة للحكم الفلاني فإنه طريق مقبولة (خلافاً للرازي) فزعم أنه لا يعتد به، وبيان قوله أن القائل إذا قال: قدم الأخ من الأب والأم في الميراث بالإجماع، فيجب تقديمه في ولاية النكاح.

  فإذا قال المعترض: ولم إذا أثر في هذا يكون مؤثراً في هذاك؟.