(فصل): [في أقسام المناسب]
(فصل): [في أقسام المناسب]
  (وينقسم المناسب باعتبار نفسه إلى) قسمين: (حقيقي عقلي، وخيالي إقناعي) لأن مناسبته إن كانت بحيث لا تزول بالتأمل فيه فهو الحقيقي، وإلا فهو الإقناعي.
  (فا) لأول: (الحقيقي) وهو (ما روعي فيه المصالح الدينية أو الدنيوية مع قوة مناسبته، وكونها لا تزداد على كثرة البحث والتأمل إلا وضوحاً) وحاصله راجع إلى رعاية المقاصد المعتمدة والأغراض الدينية.
  (وأقسامه ثلاثة): القسم (الأول: ما يقع في محل الضرورة) ويعني بكونها ضرورية هو أن قوام الخليقة واستمرار التكليف لا يتعقل إلا بحفظها والمواظبة عليها، (و) يلقب في لسان الأصوليين (بالضروري و) حده باعتبار وحدته (هو ما روعي فيه المقاصد التي لا يقوم الدين إلا بحفظها، ومناسبتها) أي التي روعي فيها المقاصد (في غاية الوضوح وأعلى المراتب) في إفادة ظن الاعتبار.
  (وهو) أي الضروري (قسمان):
  الأوَّل: (ضروري في أصله كالكليات الخمس) وانحصارها في الخمس نظراً إلى الواقع (المراعاة في كل شرع: وهي:
  [١] (حفظ الدين بقتل الكفار) الحربيين والمرتدين، فإن كل واحد من الكفر والارتداد مناسب لوجوب القتل والقتال لما في بقائهم من الضرر على الدين مع بقاء هذه الدعوة، وقد نبه الله تعالى على ذلك بقوله: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ}[ص: ٢٩]، وبقوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}[التوبة: ٥]، وغير ذلك من الآيات.
  [٢] (و) حفظ (النفس بالقصاص) فإن القتل العمد العدوان مناسباً لوجوب القصاص؛ لأنه مقدر للحياة التي هي أجل المنافع، وقد نبه الله على ذلك بقوله: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}[البقرة: ١٧٩].
  فإن قيل: قد نصوا على أن المناسب للقصاص هو القتل العمد العدوان، وللحد الإسكار، وإيلاج فرج في فرج، لا أنه حفظ النفس والعقل والنسب، وقد نصوا على ذلك فيما تقدم، وهذه حكم والحكمة غير العلة.
  قلنا: الحكمة والعلة متلازمان فالمعتبر هو الحكمة قطعاً، فيصح إضافة الحكم إلى أيهما، وإضافته إلى الحكمة إذا انضبطا أولى، وهي هنا منضبطة.