الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في أقسام المناسب]

صفحة 432 - الجزء 2

  [٣] (و) حفظ (العقل بحد المسكر) فإنه مناسب له لما فيه من الضرر واشتماله على المفسدة العظيمة، وقد نبه الله على ذلك بقوله: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ٩١}⁣[المائدة: ٩١]، وهذه كلها مفاسد تثنينا عن ارتكاب هذه الأمور المحرمة، وعن هذا قال #: «الخمر جماع الآثام»، وقال: «الخمر أم الخبائث» مشيراً إلى ما ذكرناه⁣(⁣١).


(١) هذا كلام الأصوليين كافة في الخمر، وأنت خبير أن من راجع كتب الحديث تيقن أن الخمر كانت حلالاً في أول الإسلام مسكرها وغيره، فمن ذلك:

ما أخرجه الشيخان عن أنس قال: كنت ساقي القوم في منزل طلحة، فكان خمرهم يومئذ الفضيخ، فأمر رسول الله ÷ منادياً ينادي «ألا إن الخمر قد حرمت»، قال: فجرت في سكك المدينة الحديث، وله روايات أخر.

ومن ذلك الحديث الثابت في الصحيحين عن الحسين بن علي الذي فيه عقر الحمزة لشارفي علي، وقول حمزة لرسول الله ÷ وعلي: وهل أنتم إلا عبيد لأبي، وهو طويل، وفي رواية: وذلك قبل تحريم الخمر.

ومن ذلك: ما أخرجه في المستدرك عن علي كرم الله وجهه من حديث سفيان عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن عنه # (دعانا رجل من الأنصار قبل تحريم الخمر فحضرت صلاة المغرب فتقدم رجل فقرأ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ١} فالتبس عليه، فنزلت {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ}.

ومن ذلك: ما أخرجه الترمذي وصححه عن البراء قال: مات رجال من أصحاب النبي ÷ قبل أن تحرم الخمر، فلما حرمت الخمر قال رجال: كيف بإخواننا وقد ماتوا يشربون الخمر، فنزلت {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا} الآية.

وأخرج عن ابن عباس وصححه قالوا يا رسول الله: أرأيت الذين ماتوا وهم يشربون الخمر - لما نزل تحريم الخمر، فنزلت {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا} الآية.

وأخرج أبو داوود عنه قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} و {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} نسختهما التي في المائدة {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ} الآية.

وما أخرجه الترمذي وأبو داوود والنسائي، وصححه الترمذي عن عمر أنه قال: اللهمَّ بيِّن لنا في الخمر بياناً شفاءً، فنزلت الآية التي في البقرة: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ} الآية، قال: فدُعي عمر فقرئت عليه، قال: اللهم بيِّن لنا في الخمر بياناً شفاءً، فنزلت الآية التي في النساء: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} فكان منادي رسول اللّه ÷ إذا أقيمت الصلاة ينادي: =