(فصل): [في أقسام المناسب]
  [٣] (و) حفظ (العقل بحد المسكر) فإنه مناسب له لما فيه من الضرر واشتماله على المفسدة العظيمة، وقد نبه الله على ذلك بقوله: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ٩١}[المائدة: ٩١]، وهذه كلها مفاسد تثنينا عن ارتكاب هذه الأمور المحرمة، وعن هذا قال #: «الخمر جماع الآثام»، وقال: «الخمر أم الخبائث» مشيراً إلى ما ذكرناه(١).
(١) هذا كلام الأصوليين كافة في الخمر، وأنت خبير أن من راجع كتب الحديث تيقن أن الخمر كانت حلالاً في أول الإسلام مسكرها وغيره، فمن ذلك:
ما أخرجه الشيخان عن أنس قال: كنت ساقي القوم في منزل طلحة، فكان خمرهم يومئذ الفضيخ، فأمر رسول الله ÷ منادياً ينادي «ألا إن الخمر قد حرمت»، قال: فجرت في سكك المدينة الحديث، وله روايات أخر.
ومن ذلك الحديث الثابت في الصحيحين عن الحسين بن علي الذي فيه عقر الحمزة لشارفي علي، وقول حمزة لرسول الله ÷ وعلي: وهل أنتم إلا عبيد لأبي، وهو طويل، وفي رواية: وذلك قبل تحريم الخمر.
ومن ذلك: ما أخرجه في المستدرك عن علي كرم الله وجهه من حديث سفيان عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن عنه # (دعانا رجل من الأنصار قبل تحريم الخمر فحضرت صلاة المغرب فتقدم رجل فقرأ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ١} فالتبس عليه، فنزلت {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ}.
ومن ذلك: ما أخرجه الترمذي وصححه عن البراء قال: مات رجال من أصحاب النبي ÷ قبل أن تحرم الخمر، فلما حرمت الخمر قال رجال: كيف بإخواننا وقد ماتوا يشربون الخمر، فنزلت {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا} الآية.
وأخرج عن ابن عباس وصححه قالوا يا رسول الله: أرأيت الذين ماتوا وهم يشربون الخمر - لما نزل تحريم الخمر، فنزلت {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا} الآية.
وأخرج أبو داوود عنه قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} و {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} نسختهما التي في المائدة {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ} الآية.
وما أخرجه الترمذي وأبو داوود والنسائي، وصححه الترمذي عن عمر أنه قال: اللهمَّ بيِّن لنا في الخمر بياناً شفاءً، فنزلت الآية التي في البقرة: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ} الآية، قال: فدُعي عمر فقرئت عليه، قال: اللهم بيِّن لنا في الخمر بياناً شفاءً، فنزلت الآية التي في النساء: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} فكان منادي رسول اللّه ÷ إذا أقيمت الصلاة ينادي: =