الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في المشترك]

صفحة 110 - الجزء 1

  والاجتماع معه، والمستدل جعل الإنفراد قيداً فيه، وليس كذلك، وإنما يقع الانفراد والاجتماع قيدين لوصف الاستعمال لا لنفس المعنى.

  قال: وبهذا يظهر أن استعمال اللفظ في المعنى حال الاجتماع مع الآخر استعمال له في نفس الموضوع له، كحال الانفراد، فيصح ويكون حقيقة لعدم الفرق، ويظهر ذلك بالتأمُّل في الفرق بين المعنى مطلقاً وبشرط الانفراد أو الاجتماع، وفي الفرق بين كون الانفراد قيداً للمستعمل أو الاستعمال. انتهى.

  احتج المجوزون في النفي دون الإثبات: بأن النفي يفيد العموم فيتعدد، بخلاف الإثبات.

  قلنا: النفي إنما هو للمعنى المستفاد عند الإثبات.

  احتج الذين قالوا بصحته في الجمع: بأن الجمع متعدد في اللفظ وفي التقدير، فجاز تعدد مدلولاته بخلاف المفرد.

  قلنا: الجمع لا يفيد التعدد وإنما يفيد تكثير الجموع، والمعنى المستفاد من المفرد إن أفاده المفرد أفاده الجمع، وإلا فلا.

  احتج جمهور المتأخرين: بأنه يسبق من المشترك إلى الفهم عند إطلاق أحد المعنيين على البدل بأن يراد هذا أو ذاك، دون الجمع بأن يراد هذا وذاك، والسبق علامة الحقيقة في أحدهما دون الجمع، وعدمه علامَة المجاز، قيل: والمصحح علاقة الكلية والجزئية.

  قلنا: هذا غير صحيح:

  أمَّا أولاً: فلأن الكلام في إرادة كل من المعنيين لا في إرادة المجموع الذي أحد المعنيين جزء منه.

  وأمَّا ثانياً: فلأنه ليس كل جزءِ يصح إطلاقه على الكل، بل إذا كان له تركب حقيقي، وكان الجزء مما إذا انتفى انتفى الكل بحسب العرف، كالرقبة للإنسان، بخلاف الأصبع والظفر ونحو ذلك.

  وأمَّا ثالثاً: فلأنا لا نسلم سبق أحد المعنيين عند إطلاق المشترك، بل ندعي بسبقهما معاً، على أنه لو سبق أحدهما على التعيين وكان حقيقة فيه لكان الاشتراك معنوياً لا لفظياً، ثُمَّ القول بكونه مجازاً عند الاستعمال في كل من المعنيين واهٍ؛ لأن كل منهما نفس الموضوع له.