الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثالث عشر من أبواب الكتاب: باب القياس

صفحة 435 - الجزء 2

  النكاح)، لأمر الفسخ عند البلوغ، وهو من مكملات مقصود النكاح، (وإن كان المقصود) من شرع النكاح (حاصلاً بدونهما) أي رعاية الكفاءة ومهر المثل.

  (والثالث) من أقسام الحقيقي: (ما يقع في محل التحسين، ويلقب بالعادي، وهو ما يدعو إليه رعاية محاسن العادات)، والقصد لأولى الطرق، والحمل على مكارم الأخلاق، ومحامد الشيم، وشريف الخصال في العادات والمعاملات، (لا الضرورة ولا الحاجة)، فإنهما لا يدعيان إليه، (ورتبته) أي العادي (دونهما) أي الضروري والحاجي.

  قال الإمام: ولهذا امتنع من التعويل عليه كل محصل من القياسين.

  (وهو) أي العادي (قسمان):

  الأول: (ما لا يعارض القواعد المعتبرة، كتقييد النكاح بالشهادة) فإن هذا لا ضرورة فيه ولا حاجة تدعو إليه، وإنما المقصود منه هو التحسين والتزيين وتمييز النكاح بالإظهار والإعلان عن السفاح، ثُمَّ مراتب الظهور غير منحصرة، فاكتفى الشارع بحصول شاهدي عدل فيهما، كفاية في إحراز المقصود، ونحو تحريم القاذروات فإن نفرة الطباع عنها لخساستها مناسب للحرمة في تناولها، حثاً للناس على مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم.

  وقال في العقد: ومنه إبراء ذمة من عليه الحق، والعفو عن الجنايات، ورياضة النفوس وتهذيب الطريق، (و) مثل (سلب الرق أهليتها) أي الشهادة، عند عمر وابنه، وابن عباس، والحسن وعطاء، وأبو العباس والمؤيد بالله، والفريقين ومالك والأوزاعي، ورواية عن القاسم، وإن كان ذا دين وعدالة يغلبان ظن صدقه، ولو جعل له أهلية الشهادة لحصل مصلحة مثل ما يحصل في الحر، ولم يكن له مفسدة أصلاً، ولكنه سلب ذلك لنقصه عن المناصب الشريفة ليكون الجري على ما ألف من محاسن العادات أن تعتبر في المناصب المناسبة، فإن السيد إذا كان له عبد ذو فضائل وآخر دونه فيهما استحسن عرفاً أن يفوض العمل إليهما بحسب فضلهما الأفضل للأفضل، وإن كان كل منهما يمكنه القيام بما يقوم به الآخر.

  واعلم: أن مذهب الهادي والقاسم والشافعي والليث وأحمد وإسحاق وداود وأبو ثور أن شهادته تصح لعموم قوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ}⁣[البقرة: ٢٨٢]، والكلام في شهادة العبد لغير سيده، فأمَّا شهادته لسيده فلا تصح إجماعاً.