الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في ماعلم إلغاؤه]

صفحة 441 - الجزء 2

  فعل يحيى بن يحيى المغربي فإنه أفتى ملكاً جامع في نهار رمضان بصوم شهرين متتابعين، فلمَّا خرج من عند الملك راجعه بعض الفقهاء وقال له: القادر على إعتاق رقبة كيف يعدل إلى الصوم وإيجاب الصوم إنما يكون على من كان معسراً، فكان جوابه أن هذا السلطان يملك رقاباً كثيرة، فلو قلت له عليك عتق رقبة لاستحقر ذلك، ولهان عليه إعتاق رقاب كثيرة ويواقع مراراً كثيرة فلا يزجره إعتاق رقبة؛ لأنه لا أثر لها على قلبه ولا تكون وازعة له عن ارتكاب ذلك، وصوم شهرين متتابعين داخل عليه في المشقة ومرارة الصوم ألم بقلبه وجسمه ليذوق وبال أمره.

  (و) مثل (ترك حي على خير العمل في الأذان ترغيباً في الجهاد) كما فعله عمر بن الخطاب فإنه خشي أنه إذا سمع الناس المؤذن يقول: إن خير العمل الصلاة أن يترك الناس الجهاد ويشتغلوا بها فأمر بتركه.

  قال الهادي إلى الحق # في الأحكام: وقد صح لنا أن حي على خير العمل كانت على عهد رسول الله ÷ يؤذن بها ولم تطرح إلا في زمن عمر بن الخطاب فإنه أمر بطرحها، وقال: أخاف أن يتكل الناس على ذلك.

  وفي كتاب السنام الصحيح: أن الأذان شرع بحي على خير العمل؛ لأنه اتفق على الأذان به يوم الخندق؛ ولأنه دعا إلى الصلاة، وقد قال ÷: «خير أعمالكم الصلاة»، وقد اتفق أن عمر والحسن والحسين وبلالاً وجماعة من الصحابة أذنوا به، حكاه في شرح الموطأ وغيره من كتبهم.

  وأخرج المؤيد بالله في شرح التجريد عن أبي بكر المقري، قال: حدثنا الطحاوي، قال: حدثنا أبو بكر بن علي بن داود البغدادي، قال: حدثنا أبو عاهم، قال: حدثنا ابن جريج، قال: أخبرني أبي عن عبد الملك بن أبي محذورة، عن أبي محذورة الصحابي الجليل، قال: علمني رسول الله ÷ الأذان كما يؤذنون الآن، وذكر تلك الكلمات ومنها حي على خير العمل.

  وذكر نحو هذا الطبري في كتاب الأحكام عن أبي أمامة بن سهل البدري، وذكره عنه سعيد بن منصور في سننه.