الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

[في إطلاق المشترك على المعاني غير المتنافية بلا قرينة]

صفحة 111 - الجزء 1

[في إطلاق المشترك على المعاني غير المتنافية بلا قرينة]

  وبعد أن عرفت أن مذهب أئمتنا $ ومن معهم صحة الإطلاق حقيقة على جميع المعاني الغير المتنافية، فقد اختلفوا إذا ورد مجرداً عن القرائن هل يجب حمله على جميعها أولا؟

  فقال (أئمتنا والشافعي) والقاضي أبو بكر الباقلاني (وجمهور المعتزلة) بالأولى، وإليه أشار بقوله: (فيجب حمله على جميعها عند تجرده عن القرينة) المعينة لأحدهما، أما لو لم يتجرد وجب الحمل على ما أدت إليه القرينة، فإن دلت على إرادة أحدهما كان حقيقةً، وإن دلت على إرادة المجموع من حيث أنه هو مجموع كان مجازاً كما تقدم (لظهوره فيها كالعام) فإنه يجب حمله على كل فردٍ من أفراده لظهوره فيها، وإن كان يفرق بينهما بأنَّ أفراد العام متفقة في أنه يشملها معنى واحد للفظ، والمشترك معانيه متعددة.

  قال عضد الدين: ونقل عن الشافعي أنه ظاهر فيهما دون أحدهما، قال: والعام عنده قسمان قسم متفق الحقيقية وقسم مختلف الحقيقية، وكلام المؤلف كالرد عليه؛ لأنه أتى بحرف النسبة، وكالإيماء إلى أن العام متفق الحقيقة، وقد يمكن أن يكون كلام السيد مثل كلامه، ولكنه يشبه المختلف فيه بالمتفق عليه، فإذا كان كالعام (فلا إجمال فيه) بل هو ظاهر.

[بحث حول خبر الغدير ودلالته]

  (قال أئمتنا: ومنه) أي من المشترك الذي يحمل على جميع معانيه عند تجرده عن القرينة (حديث الغدير) الدال على إمامة الوصي، وهو قوله ÷ «من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، واخذل من خذله، وانصر من نصره» وهذا من الأحاديث التي اتفقت فيها أمهات الإسلام في الآثار النَّبويَّة⁣(⁣١)، أخرجه أحمد والترمذي والنسائي وجماعة كثيرون،


(١) من الأحاديث المشهورة المتواترة، رواه جماعة وافرة من المحدثين عن جماعة من الصحابة، وإليك بعضاً: عن أمير المؤمنين علي #: الإمام أبو طالب في الأمالي (٣٣)، والنسائي في الخصائص (١٥٦)، وأحمد في المسند (١/ ١٥٢)، وأبو يعلى في مسنده (١/ ٤٢٨) رقم (٥٦٧)، والطبراني في المعجم الصغير (١/ ١١٩)، والطيالسي في المسند (٢٣) رقم (١٥٤)، والمحب الطبري في كتابيه ذخائر العقبى (٦٨)، والرياض النضرة (٢/ ١٦١).

=