الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثالث عشر من أبواب الكتاب: باب القياس

صفحة 448 - الجزء 2

  (و) منها: (تناول سد الرمق عند تطبيق الحرام للأرض) والعياذ بالله (أو لناحية يتعذر الانتقال منها) بأي أنواع الأعذار، فإن الظن يغلب على جواز ذلك لعلةٍ هي حفظ النفس لما ورد به الشرع من جواز أكل الميتة عند الخشية على النفس ولم يشهد له أصل معين من حيث لم يرد نص بجواز أكل ما يسد الرمق إذا طبق الحرام وجه الأرض، هكذا قاله القاضي عبد الله بن حسن، ولا يخفى ما فيه.

  (و) منها: (تحريم نكاح العاجز عن الوطء من تعصي لتركه) أي لترك الوطء، وهذا عند المذاكرين؛ إذ في ذلك تعريض يفتح السفاح، لاخترامها واسطة عقد منافع النكاح، والشرع ملتفت إلى المنع من تعريض الغير لفعل القبيح، ألا تراه يمنع الخلوة بغير المحرم، فلذا حكم بحظر ذلك لا لغيره من المسالك.

  قال المهدي: وهذا المثال ذكره في نهاية المجتهد للمالكية، وقد نظر الإمام شرف الدين قول المذاكرين بتحريمه وكلامه هو الحق؛ لأن الوطء لا حق فيه للزوجة إلا في الإيلاء والظهار، فكيف يوجب عليه ترك ما هو مباح له، وليس يخشى على نفسه أن يترك ما هو واجب عليه ولا يفعل ما هو معصية، ولا حكم لما يخشى من غيره.

  (وهذه) المذكورات (في محل الضروريات) فالأربع الصور الأول رعاية لحفظ الدين بل والنفس في الأولى، والخامسة رعاية لحفظ النفس كما بيناه، والسادسة لحفظ النسب.

  (و) منها: (فسخ امرأة المفقود) الذي لم يعلم له موت ولا طلاق ولا ردة، وانقطع خبره، وبقيت زوجته محبوسة طول عمرها مع الفقر والحاجة وإذهاب شبابها، وهذا هو مذهب بعضهم، وعند أكثر أئمتنا وهو مذهب الشافعي أخيراً أنه لا سبيل إلى إنكاحها إلا بعد قيام البينة على موته أو ردته أو بلوغه عمراً لا يعيش بعده، وقد ذهب بعض أئمتنا إلى جواز إنكاحها إذا غلب على ظنها موته.

  (و) منها: (فسخ من عقد لها وليَّان) مأذونان مستويان لشخصين في وقتين (وعقد أحدهما سابق لكنه لم يعلم) لأن المضرة تلحقها باللبس؛ إذ تصير معلقه لا ذات بعل ولا مطلقة، ولو لم يكن في ذلك إلا تضييع حقوقها وإسقاطها، فكيف وجهات التألم واسعة والشرع والعقل متظافران على دفع المضار فيفسخ الحاكم ذلك النكاح ويخرجها من حيز الضيق إلى الفساح.

  ومذهبنا في هذه الصور أن النكاح باطل إلا أن تقر لأحدهما أو يدخل بها برضاها صح، وعند بعضهم أنه صحيح فيقبل ويفسخ النكاح لما ذكر، وقيل: يجبران على التطليق.