(فصل): [في العلة الشبهية]
(فصل): [في العلة الشبهية]
  (و) ولما فرغ من المناسبة أخذ في بيان العلة الشبهية فقال:
  العلة (الشبهية: وصف يوهم المناسبة ليس بمؤثر ولا مناسب عقلي)، وفي هذا الحد أبحاث:
  الأول: أن فيه ذكر الإيهام وهو معيب؛ لأنه إمَّا أن يكون مظنوناً مع التوهم أو لا، فإن كان مظنوناً فلا حاجة إلى التوهم، وإن كان غير مظنون فهو خطأ؛ لأنه لا يجوز التعويل على التوهم.
  والثاني: أنه تعريف بالنفي وهو معيب عند المناطقة.
  والثالث: أن فيه تعريف لبعض أنواع العلة ببعض فيكون تعريفاً بالمساوي في الجلاء والخفاء.
  وقد يجاب عن الآخر: بأنه من تعريف المجهول بالمعلوم لسبق معرفة الأنواع المحدود بها.
  والشبهية هي (كالكيل) في تعليل تحريم التفاضل فيما عدا البر والشعير والملح من الأشياء المأكولة، وهذا عند أئمتنا وأبي حنيفة، وقيل: العلة المالية، وهذا يحكى عن ابن الماجشون، وقيل: القوت وهو قول مالك، وقيل: الطعم والتقدير وهو قول الشافعي القديم، أو الطعم كما هو قول الشافعي الأخير، فإن هذه علة شبهية مظنونة فيها المناسبة.
  (والطهارة) فيما إذا حاولنا إلحاق إزالة الخبث بإزالة الحدث في تعين الماء بجامع كونها طهارة تراد للصلاة، فإن الجامع وصف شبهي؛ إذ لا يظهر مناسبة للحكم المذكور لكنه يوهم المناسبة من جهة أنه قد اجتمع فيها أعني إزالة الخبث كونها طهارة للصلاة وكونها عن الخبث، والشارع قد اعتبر الأول حيث رتب عليه حكم تعيين الماء في الصلاة والطواف ومس المصحف، ولم يعتبر الثاني في شيء من الصور، فظهر لنا أن إلغاء ما لم يعتبره أصلاً، والحكم بخلوه عن المصلحة أقرب وأنسب من إلغاء ما اعتبره والحكم بخلوه عن المصلحة، فيوهمنا من ذلك أن الوصف الذي اعتبره كالطهارة للصلاة مناسب للحكم الذي هو تعيين الماء وأن فيه مصلحة، وأن الشارع حيث اعتبر تلك الصفة إنما اعتبرها للاشتمال على تلك المصلحة، وهذا معنى شبهية الوصف (فتميز بالقيد الأول) وهو قوله: وصف يوهم المناسبة (عن الطردية، لفقد إيهام المناسبة فيها؛ إذ وجودها كالعدم) كما يقال في الخل مائع لا تبنى عليه القنطرة ولا يصاد منه السمك، فلا يرفع الحدث كالمرق فإن ذلك مما ألغاه الشارع قطعاً بخلاف الذكورة والأنوثة فإنه اعتبر في بعض الأحكام.