الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في العلة الشبهية]

صفحة 452 - الجزء 2

  (وبالثاني) وهو قوله ليس بمؤثر (عن المؤثرة، وبالثالث) وهو قوله: ولا مناسب عقلي (عن المناسبة لأن مناسبتها) أي المناسبة (عقلية) وإن لم يرد الشرع بها كالإسكار للتحريم فإن كونه مزيلاً للعقل الضروري للإنسان وكونه مناسباً للمنع منه مما لا يحتاج فيه العلم به إلا ورود شرع، (وهي) أي الشبهية (منزلة بينها) أي المناسبة (وبين الطردية، تشبه كلاً منهما من وجه وتخالفه من) وجه (آخر) فإنها تشبه الطردي من حيث أنه غير مناسب، وتشبه المناسب بالذات من حيث التفات الشرع إليه في الجملة كالذكورة والأنوثة في القضاء والشهادة، (ولذلك) أي ولأجل شبهها لكل واحد منهما من وجه ومخالفته من آخر (صعب حدها) حتَّى قال الجويني: لا يتحرر في الشبه عبارة مستمرة في صناعة الحدود وذلك لاختلاف عباراتهم في تفسيره، فإن منهم من فسره بأنه الوصف الجامع لآخر إذا تردد بها الفرع بين أصلين، فالأشبه منهما هو الشبه كالنفسية والمالية في العبد والمقتول فإنه تردد بهما بين الحر والفرس وهو بالفرس أشبه؛ إذ مشاركته له في الأوصاف والأحكام أكثر، وحاصله: تعارض مناسبتين ترجح أحدهما.

  قال سعد الدين: ومنهم من فسره بما يعرف فيه المناط قطعاً، إلاَّ أنه يفتقر في أحد الصور إلى تحقيقه كما في طلب المثل في جزاء الصيد بعد العلم بوجوب المثل.

  ومنهم من فسره بما اجتمع فيه مناطان بحكمين لا على سبيل الكمال، لكن أحدهما أغلب والحكم به حكم بالأشبه، كالحكم في اللعان بأنه يمين لا شهادة وإن وجدا فيه.

  وقيل: هو الجمع بين الأصل والفرع بما لا يناسب الحكم، لكن يستلزم المناسب وهو قياس الدلالة. انتهى.

  وقيل فيه: إن الوصف إمَّا أن يعلم مناسبة بالنظر إليه أو لا:

  والأوَّل: المناسب، والثاني: إما أن يكون مما اعتبره الشارع في بعض الأحكام والتفت إليه أو لا:

  الأوَّل: الشبه، والثاني: الطرد، فحقيقة الشبه فيما يحصل من هذا التقسيم، (و) لذلك أيضاً (دق الفرق بينها) أي الشبهية، (وبينهما) أي المناسبة والطردية، (سيما بينها وبين الطردية) لعدم المناسبة فيهما جميعاً، (وإحالته) أي الفرق بينهما، (إلى الذوق أولى) من الخوض، لكن بشرط التمرن، فإن من قبض على عنان هذا الفن وملكه، يجد من نفسه على الفرق بينهما ملكة مدركة بالذوق، داخلة تحت الطوق، مع الألمعية، والفكرة الأصمعية، وقال المعتصم لبعض الممارسين للمعاني المتشابهة كيف تميز بينهما؟، فقال: من الأشياء أشياء تحيط بها المعرفة، ولا تؤديها الصفة، وهذا من هذا.