الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثالث عشر من أبواب الكتاب: باب القياس

صفحة 453 - الجزء 2

  (و) الشبهية (هي) مرتبة (فوقها) أي الطردية (ودون المناسبة وَلاَ يصار إليها) أي الشبهية، (مع إمكان المؤثرة) وهي المنصوصة، (والمناسبة، إجماعاً)، لأن ذلك استدلالاً للذي هو أدنى بالذي هو خير.

  وذكر القاضي عبد الله بن حسن: أن الشبهية قد تكون أقوى من المناسبة وأولى بالتعليل.

  (فإن تعذرتا) بأن لم توجد غير الشبهية (صح التعليل بها عند أئمتنا والجمهور) من العلماء (خلافاً لأبي زيد) الدبوسي (وأصحابه، والباقلاني، وبعض الشافعية)، كالصيرفي والشيرازي.

  لنا على قبوله: أن الشبه يفيد كون الوصف علة، فوجب العمل به كما يفيد المناسب الظن؛ لأن من يدعي انحصار الظن في أقيسة المعاني ليس بأسعد حالاً ممن يدعي في أقيسة الأشباه، فإنه كما ينقدح عن هذه ينقدح عن هذه، ومن أنكر ذلك فقد أنكر ما هو واضح في العقول.

  ولنا أيضاً: إجماع الصحابة على التعليل بالعلل الشبهية كما يحكى عن أمير المؤمنين وزيد بن ثابت أنهما شبها الجد مع الأخوة بعصي شجرة وجد في ولا نهر، وإنكار ابن عباس على زيد بن ثابت في أن الجد لا يحجب الأخوة بقوله: ألا يتقي الله زيد يجعل ابن الابن ابناً ولا يجعل أب الأب أباً، فهذا كله تعويل منهم على التشبيه.

  احتج المخالف: بأنه إمَّا أن يكون مناسباً أو لا يكون، الأول مجمع على قبوله، والثاني هو الوصف الطردي وهو مجمع على رد شيء منهما لا يكون شبهياً؛ لأن الشبه مختلف فيه إجماعاً.

  قلنا: نختار أنه مناسب.

  قولك: فيكون مجمعاً على قبوله.

  قلنا: متى إذا كان مناسب لذاته أو أعم الأول مسلم والثاني ممنوع فإن الإجماع ما انعقد إلا في المناسب بالذات، فإنه الذي يعني المناسب عند إطلاقه.

  سلمنا: أنه ليس بمناسب، قولك فيكون طردياً غير مسلم، بل يكون مناسباً ولا طردياً، بل واسطة بينهما تميز عن كل بما ذكرنا.

  (وسميت شبهية؛ لأن ما فيها من إيهام المناسبة لحكمها يقتضي ظن اعتبارها كالمناسبة، وعدم مناسبتها) أي لحكمها (عقلاً يقتضي عدم ظن اعتبارها كالطردية فأشبه أمرها) كلاً منهما، (ولاعتبار الجمهور لها) أي للشبهية ورد الطردية، (توهم بعضهم أن بينها وبين الطردية فرقاً ذاتياً) لأجله قبل أحدهما ورد الآخر.