الباب الثالث عشر من أبواب الكتاب: باب القياس
  الأوَّل: (الإلغاء وهو أن يبين المستدل ثبوت الحكم) في الصورة الفلانية (بالباقي دون) الوصف (المبطل) فحصل الظن بأن لا مدخل للوصف المحذوف في العلية، وأن الوصف المتبقي مستقل بها لثبوت الحكم عند ثبوته سواء وجد المحذوف أو لم يوجد.
  (و) الثانية: (كون) الوصف (المبطل طردياً) من جنس ما علم من الشارع إلغاؤه (إمَّا مطلقاً) أي في جميع أحكام الشرع (كـ) الاختلاف في (الطول والقصر) فإنه لم يعتبر في القصاص ولا الكفارة ولا العتق ولا لإرث ولا غيرها فلا يعلل به حكم أصلاً، (أو بالنسبة إلى ذلك الحكم) وإن اعتبر في غيره وذلك (كالذكورة والأنوثة في) أحكام (العتق) فإن الشارع وإن اعتبره في الشهادة والقصاص وولاية النكاح والإرث فقد علم أنه ألغاه في أحكام العتق فلا يعلل به شيء من أحكامه.
  (و) الثالثة: (عدم ظهور) وجه (مناسبة) الوصف (المبطل) للحكم بعد البحث عنها ولا يجب ظهور عدم المناسبة بدليل، (ويكفي) في عدم مناسبة (المستدل قوله للمعترض بحثت فلم أجد) له (مناسبة وما لا يوهمها) أي ما يوقع في الوهم أي الذهن مناسبة (فيما أبطلته) ويصدق فيه لأنه عدل بخبر عما لا طريق إلى معرفته إلا خبره.
  (فإن ادعى المعترض أن) الوصف (الباقي كذلك) أي لم يظهر فيه مناسبة ولا يوهمها (فليس للمستدل بيان مناسبة؛ لأنه انتقال) من طريق السبر إلى طريق المناسبة، والانتقال يؤدي إلى الانتشار في المحذور فليس لنا الحكم بعلية الباقي وعدم علية المحذوف؛ لأن ذلك يكون تحكماً ظاهراً، (لكن) يتعين القول بالتعارض ويلزم المستدل أن (يرجح) الوصف الحاصل من (سبره) على الوصف الحاصل من سبر المعترض وستجيء وجوه الترجيح في بابه إنشاء الله تعالى، ومما لم يذكر ثمة ترجيح وصف المستدل (بموافقته للتعدية) للحكم حيث يكون الباقي متعدياً، فإن التعدية أولى لعموم حكمها وكثرة فائدتها.
  (الثالث) من أقسام الاستنباط (الطرد والعكس، فالطرد) مصدر بمعنى الاطراد (وهو ثبوت الحكم عند ثبوت الوصف، والعكس) مصدر بمعنى الانعكاس وهو (انتفاؤه) عن الحكم (عند انتفائه) أي الوصف وذلك (كالحلاوة في العصير) فإنه حيث يكون حالياً يكون حلالاً وحيث ينتفى عن الحلاوة ويرجع إلى الشدة يكون حراماً، (ويسمى) الطرد والعكس (الدوران، والعلة) تسمى (مداراً، والحكم) يسمى (دائراً) هكذا ذكر الأسنوي، ثُمَّ الدوران قد يكون في محل واحد كالسكر مع عصير