الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثالث عشر من أبواب الكتاب: باب القياس

صفحة 459 - الجزء 2

  العنب فإنه قبل حدوث الإسكار مباح وبعده محرم، وقد يكون في محلين كالطعم مع تحريم الربا، فإنَّه لما وجد الطعم في التفاح كان ربوياً، ولما لم يوجد في الحرير لم يكن ربوياً.

  (واختلف في دلالته على العلة بنفسه) أي خالياً عن اقتران غيره به من طرق العلة كالسبر وهو أخذ غيره معه وإبطاله وكالمناسبة والشبه:

  (فعند أبي طالب والمنصور) بالله (وجمهور المعتزلة) كالشيخين أبي علي وأبي هاشم وأبي عبد الله البصري وقاضي القضاة وأبي الحسين ومحمود الملاحمي (وبعض الشافعية) كالشيخ أبي الطيب الطبري (أنه يدل عليها) أي على العلية، فيوخذ به في العقليات، كالتحسين والتقبيح.

  مثال ذلك: من علم بقبح القبيح واستغنى عنه وعلم باستغنائه عنه إنه لا يفعله، ومن لا فلا يفعله، فقد ثبت الحكم بثبوت ذلك، وانتفى بانتفائه.

  ويؤخذ به في (الشرعيات) كما مثلنا، آنفاً.

  وقال (الصيرفي والشيرازي والباقلاني): واختاره الآمدي وابن الحاجب، (لا يدل عليها) أي العلية، (فلا يؤخذ به فيهما) أي العقليات والشرعيات.

  وقال (الإمام) يحيى (وجمهور الأشعرية) كالرازي والغزالي والجويني والبيضاوي والسبكي (يدل عليها) أي العلة (ظناً) لا قطعاً، (فيؤخذ به في الشرعيات فقط، والمختار) للمذهب (قبوله) أي الدوران (فيهما) أي العقليات والشرعيات، (لكن) لا مطلقاً، بل (مع زيادة قيد) آخر (وهو أن لا يكون هناك ما تعليق الحكم به أولى) منه بإفادة العلية، فالعلة في الدوران جملة مركبة من ثلاثة أجزاء، وهي الطرد والعكس وزوال ما تعليق الحكم به أولى.

  ومثاله في العقليات: ما قدمناه فإنه ليس فيه ما تعليق الحكم به أولى.

  ومثاله في الشرعيات: كذلك ما قدمناه في العصير فإنه ليس فيه ما تعليق الحكم به أولى.

  لنا: على ذلك أنه إذا وجد الدوران وليس ما تعليق الحكم به أولى موجوداً حصل العلم أو الظن بالعلية، وذلك مما تقضي به العادة.

  وتحقيقه: أنه أذا دعي الإنسان باسم يغضب ثُمَّ ترك فلم يغضب، وتكرر مرة بعد أخرى علم بالضرورة أنه سبب الغضب، حتَّى أن من لا يتأتى منه النظر كالأطفال يعلمون ذلك ويتبعونه في الدورب، ويقصدون إغضابه فيدعونه به، ولولا أنه ضروري لما علموه فليس ذلك إلا لأنه دار