الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثالث عشر من أبواب الكتاب: باب القياس

صفحة 460 - الجزء 2

  معه وجوداً وعدماً، ولم يوجد ما تعليق الحكم به أولى، بخلاف ما إذا وجد ما تعليق الحكم به أولى، فإنه لا يفيد العلية رأساً لجواز أن يكون الوصف ملازماً للعلة لا نفسها كرائحة المسكر المخصوصة، فإنه دائرة معه وجوداً وعدماً بأن يصير خلاً وليست علة، ليس ذلك إلا لوجدان ما تعليق الحكم به أولى وهو الشدة المطربة.

  وقد يقال: إن في مثال الشخص المدعو باسم فغضب القول بأنه ما أفاد العلم إلا لأنه لم يوجد ما تعليق الحكم به أولى رفع للضرورة، وقدح في جميع التجريبات؛ لأن الأطفال يقطعون به من غير استدلال بما ذكرتم.

  احتج المنصور: بمثل ما احتججنا به على إفادة العلم لكنه يندفع إطلاقه بما قدمنا إذا وجد ما تعليق الحكم به أولى.

  النافون قالوا: أولاً: لو أفاد العلية لما تخلف الحكم منه واللازم منتفٍ كما في المتضايفين.

  قلنا: التخلف لمانع لا يقدح.

  فإن قيل: فلا يفيد بمجرده بل مع عدم المانع.

  أجيب: بأن هذا جار في كل دليل، فإن أريد التجرد عن كل شيء حتَّى عن وجود الشرط وعدم المانع فلا نزاع.

  قالوا: ثانياً: الدوران مركب من الطرد وهو ترتب وجود الشيء على وجود غيره، والعكس وهو ترتب عدم الشيء على عدم غيره والطرد لا يؤثر في سلامة العلية؛ لأن معناه سلامته من الانتقاص وسلامة المعنى من مبطل واحد من مبطلات العلة لا يوجب انتفاء كل مبطل، والعكس غير معتبر في العلل الشرعية على الصحيح؛ لأن عدم العلة مع وجود المعلول بعلة أخرى لا يقدح في علية العلة المعدومة لجواز أن للمعلول علتين على التعاقب كالبول والمس بالنسبة إلى الحدوث.

  قلنا: لا يلزم من عدم دلالة كل واحدٍ منهما على الانفراد عدم دلالة مجموعهما فإنه يجوز أن يكون للهيئة الإجماعية تأثيراً لا يكون لكل واحدٍ من الأجزاء كأجزاء العلة فإن كل واحدٍ منهما منفرد غير مؤثر، ومجموعهما مؤثر.

  قولك: لجواز أن يكون للمعلولة علتان.

  قلنا: وقد اشترطنا أن لا يكون هناك ما تعليق الحكم به أولى.