(فصل): [في العلة الطردية]
  (ويحمل ما ذكره الهادي # في كتاب القياس وغيره من قدماء الأئمة) كجعفر الصادق (من ذم القياس وأهله) حيث قال في جواب أهل صنعاء الذين كتبوه إليه عند قدومها (وأدين بأن المقاييس والرأي في الدين رأي إبليس اللعين).
  وقال في كتاب القياس: (القياس على قسمين، أحدهما صحيح، والآخر باطل قبيح، فإن العالم المتبحر إذا ورد عليه أمر قاسه على كتاب الله وسنة رسوله ÷، ومعنى القياس هنا استدلال، والثاني: القياس على غير الكتاب والسنة، كأن يقيس الرجل رأي نفسه على رأي غيره، فلا يجوز في الدين، ولا يثبت بأحكام المسلمين)، (على الطرد ونحوه) مما صادم الشرع، وإنما حملناه على ذلك؛ لأنه # قد ثبت عنه مسائل القياس، ألا تراه # احتج في المنتخب على مسح الجبيرة بما روي عن علي # أنه لما كسرت زنده سأل النبي ÷ عما يصنع فأمره بالمسح.
  واحتج في الأحكام بالقياس على مسح الخفين، وقال في المنتخب: إن من ترك قضاء رمضان حتَّى مضى عليه رمضان آخر فعليه القضاء ولا فدية، قياساً على قضاء الصلاة وسائر الفروض التي يجب قضاؤها، فكيف يقال: إنه منكر له وهو عامل به.
  وحذف الياء من الطرد، ذكره جماعة، والمشهور فيه هو الطردي بزيادة الياء، وأمَّا الطرد فمن جملة الطرق الدالة على العلية كما سلف.
  (و) العلية الطردية (ردها أئمتنا والجمهور) من العلماء (مطلقاً) سواء كانت في جدل أو غيره علة مستقلة أو لا (لأنَّ التعليل بها مجازفة) ومهازلة في الدين؛ لأنه أمر لا يقتضيه الشرع ولا يدل عليه، فأشبه المجازفة وهي في البيوعات أخذ الشيء بغير كيل ولا وزن ولا عدد، وأراد هنا أنه تعليل من غير نص ولا شبهة ولا إجماع ولا مناسبة ولا إيهامها بحال، والمجازفة هي فارسية معربة.
  وأيضاً فلو كان الطرد طريقاً لما أهمله الصدر الأول والمعلوم ضرورة من حالهم أنهم لم يرفعوا إليه رأساً ولم يوقدوا له مقياساً.
  وأيضاً فقد أجمع العلماء على بطلان الاحتكام وأنه لا بد في الأحكام الشرعية من مستند.
  فالقائل بالطرد إمَّا أن يدعي علماً أو ظناً، والأول ظاهر كذبه، والثاني خطأ؛ لأن للظن في مطرد العادات أشياء موصلة إليه كما أن العلوم النظرية لها طرق وأسباب، فمن ادعى الظن