الباب الثالث عشر من أبواب الكتاب: باب القياس
  (و) أما المفسدات (الظنية): ونعني بكونها ظنية أنها في محل الاجتهاد ولا إثم على مخالفها ومثبتها، بخلاف ما ذكرناه في الطرق الأول، فأمَّا من خالف فيه فهو مخطئ لأجل مخالفة الأدلة القواطع، وإنما قلنا بعدم الإثم؛ لأن المسائل الاجتهادية إن كان يرى المجتهد أن كل مجتهد مصيب فلا كلام، وإن كان يرى أن الحق مع واحد فهو يرى أن المخالف مخطئ غير آثم، فلا إثم على كل من المذهبين، وهي عشرة:
  الأولى والثانية قوله: (كتخصيصها أو تخصيص العام بها) من الكتاب والسنة (عند مانعهما) فالأولى قد تقرر الكلام عليها في تخصيص العلة، والثانية هي صحيحة عند من يرى تخصيص الكتاب بالقياس، وفاسدة عند من يرى تقديم العموم على القياس، ومحل الإجتهاد عند من يقول: هذه المسألة في موضع الاجتهاد (أو معارضتها بأخرى تدل على نقيض حكمها) صحيحة (عند المصوبة) لأنه لا يمتنع عندهم كونها علامتين لحكمين ضدين في حق مجتهدين كل واحد منهما قد غلب على ظنه صحة علته فهما معمول عندهما بهما، فأمَّا المخطئة فأحد العلتين فاسدة عندهم لا محالة ولا يدرى أيهم الفاسدة.
  (أو إثباتها بالطرد والعكس) فإنها تكون فاسدة عند من (لا يراه طريقاً إلى إثباتها) وقد قدمنا اختيار كونها طريقاً.
  (أو) إثباتها (بخبر الواحد) فإنها تكون فاسدة (عند مشترط القطع بأصلها) وقد قدمنا عدم اختيار ذلك، قال الغزالي: ولا يبعد أن يكون فساد قولهم مقطوعاً به.
  (أو مخالفتها مذهب صحابي) فإنها تكون فاسدة (عند مانعه) وقد قدمنا عدم اختيار ذلك.
  (أو كون محل القياس فيها الكفارة والحدود) فإنها تكون فاسدة (عند مانعه) وقد قدمنا عدم اختيار ذلك.
  (أو كون وجودها في الفرع مظنوناً) فإنها تكون فاسدة (عند مشترط القطع بوجودها فيه) وقد قدمنا الكلام على ذلك وعدم اشتراطه.
  (أو كونها شبهية) فإنها تكون فاسدة (عند مانعها) أي الشبهية، وقد تقدم اختيار اعتبارها.
  (أو نحو ذلك من الاختلافات الجارية في أقيسة مسائل الاجتهاد) نحو كون العلة طردية عند مانعها وهم الجماهير من العلماء.