(فصل): [في الإستحسان]
  (واختلف في فحوى الخطاب) نحو: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} (وما في معنى الأصل) نحو قياس العبد على الأمَّة (والاستحسان هل هي قياس أم لا وقد سبق ذكر الخلاف في الأولين) وهما فحوى الخطاب وما في معنى الأصل، وبقي الاستحسان فلنتخذ له مبحثاً فنقول:
(فصل): [في الإستحسان]
  (والاستحسان في اللغة: اعتقاد حسن الشيء، وفي عرفها: الاستحلاء) للشيء فنقول: استحسن الشيء استحلاه.
  (واختلف فيه اصطلاحاً: فأثبته أئمتنا والحنفية والبصرية والحنابلة) وفي الحواشي وقد ملح من قال:
  قل لمستحسن بديع المعاني ... منه تجنى شقائق النعمان
  عندنا الاستحسان شرع لأنا ... تبع لابن ثابت النعمان
  (ونفاه الشافعية والأشعرية)، وبشر (المريسي، وبالغوا في إنكاره وشنعوا على الحنفية) القول به (حتَّى قال الشافعي: من استحسن فقد شرَّع) بتشديد الراء، يعني من أثبت حكماً بأنه مستحسن عنده من غير دليل من قبل الشارع فهو الشارع لذلك الحكم؛ لأنه لم يأخذه من قبل الشارع وهو كفر أو كبيرة.
  (وليس الخلاف في الإستحسان بمعنى فعل الواجب) كقوله تعالى {وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا}[الأعراف: ١٤٥]، لوروده في القرآن كما ترى.
  (أو الأولى) كقوله تعالى: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ}[الزمر: ١٨].
  (ولا في إطلاق لفظه اتفاقاً) بين العلماء لوروده في القرآن كما قدمنا، وفي السنة كقوله ÷: «ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن» وفي ألفاظ المجتهدين كقول الشافعي في المتعة: أستحسن أن تكون ثلاثين درهماً.
  (ولا بمعنى ما تميل إليه النفس) من المعاني والصور وإن كان مستقبحاً عند غير من مالت إليه نفسه.
  (ولا اتباع الأصعب مع وجود الأقوى على الأصح) عند المصنف من روايات الخلاف.
  قال الحاكم: وقد حكي عن أصحابنا في الاستحسان خلاف ما هم عليه؛ لأنَّه حكي عنهم القول بالاستحسان من غير دليل، بل بالشهوة والهوى، وقد أبعد الحاكي عنهم ذلك في حكايته، وظن بأهل العلم ما لا يليق سيما طائفة طبقوا الأرض سهلاً وجبلاً، مع كثرة الأئمة والعلماء فيهم، وظهور تقدمهم في العلم والورع ونحن أعلم بمعاني الاستحسان.