الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثالث عشر من أبواب الكتاب: باب القياس

صفحة 483 - الجزء 2

  وعن علي # منع الرد من غير نكير، وهذا الإجماع ظني في دلالته لكونه سكوتياً، ودلالة السكوت على الموافقة كما علمت ليست بقطعية، وفي نقله لأنه بالآحاد لا التواتر ولولا ظنية الدلالة، أو النقل في هذا الإجماع لما تصور بحقه في محل الخلاف؛ إذ الحكم المجمع عليه إجماعاً قطعي الدلالة والنقل لا يخالف.

  والاعتراض عليه من وجوه:

  الأول: منع وجود الإجماع مطلقاً، قطعياً كان أو سكوتياً، بصريح المخالفة حيث ذهب البعض إلى جواز الرد مجاناً، أو منع دلالة السكوت على الموافقة.

  الثاني: الطعن في السند، بأن نقله فلان وهو ضعيف إن أمكنه.

  الثالث: المعارضة بإجماع أو بمتواتر، ذكر ذلك العضد، وهذا على سبيل الفرض والتقدير، وإلا فقد عرفت ألا تعارض بين قطعيين، ولا يجوز المعارضة بالقياس لما أن القياس لا يعارض الإجماع مثل أن نقول: العيب يثبت الرد قياساً على سائر أسباب الرد، ويثبت كون العيب علة للرد بالمناسبة أو غيرها من مسالك العلة، ولا بخبر واحد إلا إذا كانت دلالته قطعية، فإنه وإن كان ظني السند لكن لقطعية دلالته يعارض الإجماع - أعني الإجماع الظني الدلالة أو النقل -، إذ لو كان قطعيهما لم يعارضه خبر الواحد أصلاً، وإن كان ظنيهما لم يحتج إلى قطعية الدلالة.

  الصنف الرابع: ما يرد على تخريج المناط، من القدح في إفضاء الحكم إلى المقصود، ومن المعارضة بإبداء معنى آخر يصلح للعلية، ومن كون الوصف خفياً، ومن كونه غير منضبط، وبغير ذلك من كون الوصف مناسباً مرسلاً لم يثبت اعتباره بنص ولا إجماع، ولا بترتب الحكم على وفقه، أو غريباً يثبت ترتب الحكم عليه لا بنص ولا إجماع.

  (وقد يكون) المنع (في الفرع بمنع وجود علة الأصل فيه) قال الإمام: فأمَّا سائر الوجوه التي تقدمت في ممانعة الأصل فلا يليق ذكرها هنا.

  قال في الحواشي: لكن لا نسلم ذلك في كون الفرع غير معلل لجواز ذلك فيه، (نحو) قولك (أسلم أن الطُّعم علة الربا في البر، وأمنع وجودها) أي العلة (في الماء، وعلى المستدل إثباتها) أي العلة في الفرع (بإحدى طرقها المتقدمة) من سمع واستنباط، فيقال: الماء مطعوم لقوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} وقول رسول الله ÷ في زمزم: «إنه طعام طعم،