فصل: [في المشترك]
  (فأمَّا) معانيه (المتنافية) كصيغة إفعل إذا أطلقت وتجردت عن القرائن، مع فرض الاشتراك بين الأمر والتهديد كما تقدم (فيحمل عليها) أي على المعاني بأن يراد أحدها (على البدل فهو مجمل حتَّى يظهر دليل الرجحان) أي دليل يرجح حمله على أحد معنييه دون الآخر، ودليل الرجحان هو القرينة.
  قال الشيخ لطف الله: واعلم أن الظاهر أن القول بالإجمال ينافي الحمل على أحدهما على البدل، بل الإجمال يقتضي التردد بين أي المعنيين مثلاً هو المراد، وأمَّا إرادة أحدهما لا على المعين على أن يكون حقيقة فهو القول الذي تقدم أنه لا قائل به، إلا ما يشير إليه كلام بعضهم من أن ذلك حقيقة المشترك، فعلى هذا في قول المؤلف يحمل على أحدها على البدل، وقوله فيحمل عليها على البدل، نظر والصواب في الموضعين أن يقول: يتردد الذهن بينهما، وإذا خفيت قرينة أو لم توجد تردد الذهن بينهما.
  واختلف في صحة تثنية المشترك باعتبار معنييه، وفي جمعه باعتبار معانيه، فمنهم من أجازها، ومنهم من منعها، واختلف في ذلك الخلاف هل هو مبني على الخلاف في صحة إطلاق المفرد على معنييه أو معانيه، أو هو خلاف آخر لا ينبني عليه، بل يمكن أن يكون من القائلين بمنعه في المفرد من يجوزه فيهما، وأشار المؤلف إلى أن (الخلاف في تثنيته وجمعه باعتبار معانيه) كقولك: عندي عيون أو عينان وتريد مثلاً ناضرتين وجارية أو جارية وناضرة وجارية وذهباً (يثني عند الجمهور على الخلاف في المفرد) من أنه يصح إطلاقه على معنييه كما هو المختار، أو كما هو مذهب المخالف، فمن أجازه أجازه، ومن لا فلا.
  (واختار أكثر متأخري النحاة منعهما) أي التثنية والجمع منهم أبو حيان وابن الحاجب في شرح الكافية، وجوزه على الشذوذ في شرح المفصل، وعند ابن مالك والأندلسي والجزولي جواز ذلك، ولترجح المنع غلطوا الحريري في قوله:
  جاد بالعين حين أعمى هواه ... عينه فانثني بلا عينين
  فإنه أراد بالعينين غير الجارحَة وغير الذهب بدليل جاد بالعين أي الذهب، وعلل ابن الحاجب منع ذلك في شرح الكافية بأنه لم يؤخذ مثله في كلامهم مع الاستقراء.