الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في الجدل وآدابه]

صفحة 486 - الجزء 2

  فمنه: أنه يشبه النقض من حيث يبين فيه نقيض الحكم مع الوصف، إلا أن فيه زيادة وهو أن الوصف يثبت النقض وفي البعض لا يتعرض لذلك، بل يقنع فيه بثبوت نقيض الحكم، ولو قصد به ذلك لكان هو النقض.

  ومنه: أنه يشبه القلب من حيث أنه إثبات نقيض الحكم بعلة المستدل إلا أنه يفارقه بشيء وهو أن في القلب يثبت نقيض الحكم بأصل المستدل إلا القسم الرابع، وهذا يثبت بأصل آخر، فلو ذكر بأصله لكان هو القلب، وقد تلخص مما ذكرنا أن ثبوت النقيض مع الوصف نقض، فإن أريد ثبوته به ففساد الوضع، فإن أريد كونه بأصل المستدل فقلب.

  (والثاني) وهو فساد الاعتبار: (ما) أي قياس (حمل فيه الحكم) كالفرع (على حكم يخالفه) كالأصل، يعني أن الفرع قيس على أصل له حكم مخالف لحكم الفرع، كما يأتي في المثال، ويسمى فساد الاعتبار، لأن اعتبار القياس في مقابلة النص باطل، وإن كان وضعه وتركيبه صحيحاً لكونه على الهيئة الصالحة لاعتباره في ترتيب الحكم عليه.

  (و) قد (يكون) فساد الاعتبار (لمخالفة النص) وذلك (كتعليل) أبي حنيفة (تعليق الطلاق بالنساء، بأنه عدد يتعلق به البينونة فاعتبر بهن كالعدة، فيقال) من جانب المعترض كالشافعي (اعتبار فاسد لمخالفة النص وهو) قوله ÷ المخرج له الدارقطني والبيهقي مرفوعاً على ابن مسعود والبيهقي عليه وابن عباس أيضاً «الطلاق بالرجال) والعدة بالنساء»، فهذا مناقض للسنة ومدافع لها، فيجب اطراحه، فحصل من هذا اتفاق الفريقين على أن العدة إنما يكون اعتبارها بالنساء، ومعنى هذا أن المطلقة إذا كانت أمة فعدتها حيضتان على قولهم سواء أكان زوجها حراً أو عبداً، وإن كانت المطلقة حرة فعدتها ثلاث حيض سواء كان زوجها حراً أو عبداً، فأمَّا الطلاق فمختلف فيه بينهم:

  فزعم أبو حنيفة: أن الطلاق بالنساء كالعدة كما حكيناه عنه، ومعنى هذا أن الزوج إذا كان حراً أو عبداً والزوجة أمة فإنه لا يملك عليها إلا تطليقتين، وإن كانت حرة فإنه يملك ثلاث تطليقات سواء كان الزوج حراً أو عبداً.

  وعند الشافعي: أن الطلاق بالرجال يعني أن الزوج إذا كان حراً فإنه يملك ثلاث تطليقات سواء كانت الزوجة حرة أو أمة، وإن كان الزوج عبداً فإنه لا يملك إلا تطليقتين سواء كانت حرة أو أمة.