الباب الثالث عشر من أبواب الكتاب: باب القياس
  فأمَّا مذهبنا في هذا: فهو أن الحر كالعبد في أنه يملك على من نكحها بعقد نكاح ثلاث تطليقات، والأمة كالحرة إذا كانت مطلقة في أن عدتها ثلاث حيض، سواء كان زوجها حراً أو عبداً.
  وعمدتنا في ذلك: هو عموم الطلاق في قوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} لم يفصل بين الحر والعبد، وفي العدة هو قوله: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} ولم يفصل بين الحرة والأمَّة.
  (وقد يكون) فساد الاعتبار (بمخالفة الأصول) قال القاضي الدواري: ونعني بالأصول الأدلة؛ لأنها فرقت بين هذه الأشياء التي قيس بعضها على بعضٍ في الأحكام، ومع قيام الدلالة على الفرق لا وجه للقياس، ألا ترى أن القليل مما جنسه نجس يكون طاهراً ومعفواً عنه بخلاف الكثير، مثاله دون القطرة من الدم، فإنه طاهر عندنا، وكثير الدم نجس، والصبي لا تكليف عليه بخلاف الكبير، والميت لا تكليف عليه بخلافه الحي، والماء يزيل النجس بخلاف التراب، والرقبة الكافرة المأخوذ علينا الإستخفاف بها وتضييق الحال عليها والمؤمنة على العكس، والغني مالك للنصاب بخلاف الفقير، والمرأة لا أثر لردتها بخلاف الرجل فإنه ربما يزيد بسببه مرتد.
  وذلك (كاعتبار القليل بالكثير) وذلك (كقياس قليل النجاسة على كثيرها) وزعم أبو حنيفة أن قليل النجاسة كقدر الدرهم البغلي معفو عنه.
  (و) كاعتبار (الصغير بالكبير) وذلك (كإيجاب الزكاة في مال الصغير قياساً على الكبير)، والخلاف في هذا مع زيد بن علي وأبو حنيفة.
  (و) كاعتبار (الحي بالميت) وذلك (كرفع وجوب المضمضة على الحي قياساً على الميت في غسله) أي في عدم الوجوب، وهذا مذهب مالك والشافعي، والمذهب خلافه.
  (و) كاعتبار (المبدل عنه بالبدل) وذلك (كقياس الوضوء على التيمم في وجوب النية) وهذا هو مذهبنا، وإن كان التيمم إيجابه متأخراً عن الوضوء، ولا ضير في أن نقيس على أصل متأخر، إذ لم نتعبد بالحكم الذي يقتضيه القياس إلا بعد ورود التعبد بالأصل، أو كان لنا دليل على حكم الفرع غير القياس على الأصل.
  (و) كاعتبار (الكافر بالمسلم) وذلك (كقياس الرقبة الكافرة على المسلمة في صحة الكفارة بها) وهذا مذهب أبي حنيفة، ومذهبنا خلافه ومن يوافقنا.