الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثالث عشر من أبواب الكتاب: باب القياس

صفحة 488 - الجزء 2

  (و) كاعتبار (الغني بالفقير كإيجاب الجزية على الذمي الفقير قياساً على الغني، و) كاعتبار (المرأة على الرجل) وذلك (كقتلها بالردة قياساً عليه، فهذه الوجوه السبعة عدها كثير من الفقهاء من فساد الاعتبار لمخالفتها الأصول، والمختار اعتبار الجامع المعتبر) وهو الوصف الصحيح السالم من القدح والنقض، (فمتى وجد) الجامع (لزمه الحكم وإلا) يوجد (فلا) يلزمه الحكم (من غير التفات إلى هذه الوجوه) المحررة التي ذكروها.

  (وجوابها) أي فساد الوضع والاعتبار (بالطعن في سند النقض) إن لم يكن متواتراً، بأنه مرسل أو موقوف أو منقطع أو راويه ليس بعدل، (أو تأويله) بغير ظاهره، إمَّا بأنه مخصص أو مجاز، وإضماره بدليل ترجيحه على الظاهر، (أو منع مخالفة الأصول) بأن يقال: لا نسلم أنه مخالف للأصول، بل هو موافق لها، (أو القول الموجب) بأن بقاءه على ظاهره وادعَّى أن مدلوله لا ينافي حكم القياس، (أو بالمعارضَة) بنص آخر مثله حتَّى يتساقط النصان فيسلم قياسه أو يبين أن قياسه مما يجب ترجيحه على النص، إمَّا لأنه أخص من النص فيقدم لما مر في تخصيص النص بالقياس، وإمَّا لأنه مما يثبت حكم أصله بنصٍ أقوى مع القطع بوجود العلة في الفرع ومثله تقدم على النص.

  واعلم أنا لا نريد أن كل نص يمكن فيه هذه الوجوه، بل قد يمكن بعضها فيجيب بما يتأتى منها، وقد لا يمكن شيء منها فتكون الدائرة على المستدل.

  مثال ذلك: أن نقول في ذبح تارك التسمية عمداً ذبح من أهله في محله كذبح ناسي التسمية.

  فيقول المعترض: هذا فاسد الاعتبار؛ لأنه بخلاف قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} فيقول: المستدل هذا مؤول بذبح عبدة الأوثان، بديل قوله ÷: «اسم الله على قلب المؤمن سمى أو لم يسم» أو يقول: هذا القياس راجح على ما ذكرت من النص، لأنه قياس على الناسي المخصص عن هذا النص بالإجماع لما ذكرنا من العلة وهي موجودة في الفرع قطعاً.

  فإن قيل: إذا قال المستدل ذلك فهل للمعترض أن يبدي بين العامد والناسي فرقاً، دفعاً لكون القياس ممَّا تقدم، فيقول: العامد قصر في الترك بخلاف الناسي فإنه معذور.

  قلنا: ليس له ذلك لأنَّه من المعارضة لا من فساد الاعتبار وهو سؤال آخر فيلزمه فساد الانتقال والاعتراف بصحة اعتباره؛ لأن المعارضة بعد ذلك.