الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في الجدل وآدابه]

صفحة 491 - الجزء 2

  المعلل لا غير لا أن يضع المعترض علة من جهة نفسه، وهذه الحجة فاسدة؛ لأن الخصم إنما تعويله على المعاني دون ما يكون من الألفاظ والعبارات، فمتى أسقط لفظاً من ألفاظ العلة وجزء من آجزائها، فإنما أسقطه لأن عنده أنه غير مخل بالمعنى، ولا فائدة في ذكره، وهكذا يقول فإنه إنما أبدل لفظاً بلفظٍ؛ لأن المعتبر بالمعاني ولا فائدة في اعتبار اللفظ الذي ذكره المعلل بعينه، فإذا كان إزالة ذلك اللفظ الذي ذكره المعلل وإسقاطه أو تبديله ممالا خلل فيه من جهة المعنى وفيه غرض صحيح للمعترض، وهو إبطال ما أتى به المعلل وجعله علة جاز ذلك هذا على رأي من لا يمنع التعليل بالطرد حيث يكون قيداً للعلة عن النقض، وأمَّا من لا يمنع ذلك فالاعتراض بالكسر يكون خطأ لا محالة على رأيه؛ لأن حاصل كلام المعترض بالكسر هو إمَّا إسقاط الوصف أو إبداله؛ إذ لا فائدة تحتهما، والمعلل يقول فيهما فائدة وهي درء النقض لا يرد عليه في علية وهي مما يجب في منهاج الجدل مراعاتها، فأمَّا من شيوع التعليل بالطرد مطلقاً فامتناعه على قولِه أبعد، وقد يشبه الحال في الفرق بين النقض والكسر فيتوجه ذكر الفرق بينهما.

  (والفرق بين النقض والكسر أن النقض يرد على جميع العلة) لأن المعترض يقول فيه وجد العلة من دون حكمها (والكسر يرد على بعضها بعد إسقاط بعض) إمَّا (برفعه أو تبديله).

[القلب]

  (السابع) من اعتراضات القياس: (القلب وهو أربعة أقسام):

  القسم (الأوَّل: قلب التصريح) وهو أوقع مجازي القلب في إبطال العلة وإفسادها (وهو أن يذكر المستدل علة لحكم، فيعلق عليها المعترض نقيضه، فلا يكون أحدهما أولى من الآخر، نحو أن يستدل) أصحابنا والحنفية (على اشتراط الصوم في الاعتكاف بأنه لبث في مكان، فشرطه اقتران معنى به، كالوقوف بعرفة) فإنه قربة بضميمة الإحرام، فكذلك الاعتكاف يكون قربة بضميمة عبادة إليه وهي الصوم؛ إذ هو المتنازع فيه، (فيقال) من جانب المعترض كالشافعي (لبث في مكان مخصوص فلم يكن الصوم شرطاً فيه كالوقوف بعرفة) فهذا تصريح بنقيض حكم العلة في الفساد والبطلان.

  (الثاني) من أقسام القلب: (قلب الإيهام) والغرض بالإيهام إبطال ما جعله المعلل علة من غير تصريح، (و) القلب مع الإيهام (قد يكون من غير تسوية) ومعها: