(فصل): [في الجدل وآدابه]
  فالأوَّل: (نحو أن يستدل) أبو حنيفة (على أنه لا يثنى الركوع في صلاة الكسوف، بأنها صلاة تشرع فيها الجماعة فلا يثنى فيها الركوع في ركعة واحدة، كصلاة العيدين، فيقال) من جانب المعترض كأئمتنا (صلاة شرع فيها الجماعة فجاز أن تختص بزيادة كصلاة العيدين) فإنها مختصة بتكبيرات زائدة، وغرض أئمتنا هو إثبات الركوع فيها، لكنهم أبهموا قلبهم، وهو مفسد للعلة لا محالة مع الإيهام؛ لأن القلب مع إيهامهم مناقض لمضمون العلة؛ لأن علة المستدل تقتضي نفي الركوع الزائد والقلب يقتضي فسادها.
  (و) الثاني: وهو الذي (مع التسوية، نحو أن يستدل) أبو حنيفة (على نفوذ طلاق المكره أنه مكلف قاصد إلى الطلاق، فأشبه المختار، فيقال) من جانب المعترض كالشافعي (مكلف قاصد إلى) لفظ (الطلاق فيستوي إقراره وإنشاؤه كالمختار) فكما يبطل إقراره يبطل إنشاؤه.
  القسم (الثالث) من أقسام القلب: (جعل الحكم المعلل علة والعلة حكماً معللاً نحو: أن يستدل) الشافعي (على صحة ظهار الذمي بأنه إنما صح ظهاره لأنه صح طلاقه كالمسلم، فيقال) من جانب المعترض كأبي حنيفة أجعل المعلل علة والعلة معللاً وأقول (المسلم إنما صح طلاقه لأنه صح ظهاره) فإذا جعلنا الظهار علة للطلاق لم يصح في حق الذمي وهو محل النزاع.
  (الرابع) من أقسام القلب: (قلب التقديم والتأخير، نحو أن يستدل) الشافعي (على أن المتيمم إذا رأى الماء وهو في أثناء صلاته لا يلزمه استعماله بأنه متيمم رأى الماء بعد تلبسه بالصلاة فلا يلزمه استعماله كما لو رآه بعد فراغها فيقال) هذه صورة التقديم من جانب المعترض كأبي حنيفة (متيمم رأى الماء قبل سقوطها) لأنها لا تسقط إلا بالفراغ (عن ذمته فأشبه من رآه قبل الدخول فيها) وهذه صورة التأخير، فهذا القلب مبناه على الكلام في التقديم والتأخير؛ لأن الإجماع من الفريقين منعقد على أن حكم من رأى الماء قبل الشروع في الصلاة أن تيممه غير مجز، وأن من رأى الماء بعد الفراغ من الصلاة فإنه لا يلزمه الإعادة، وإنما الاختلاف بينهم فيمن رأى الماء في أثناء الصلاة.
  (وإنما يرد القلب على العلة الشبهية) كما مثل آنفاً، و (لا) يرد على (المؤثرة المناسبة) لأنه لا يجوز ورود النص، وما في معناه لكون الوصف علة لحكمين متناقضين، ولا يجوز أن يكون مناسباً لحكمين متناقضين، قال الإمام: وهذا وإن كان سديداً فكلامه في المناسبة فلا يمتنع وقوعه.