الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في الجدل وآدابه]

صفحة 497 - الجزء 2

  الأوَّل: أن يكون الفرق في نفسه أعلق بالحكم من الجمع وأكثر ملائمة بحيث يجب أن يكون ذكر الجامع عند الفرق بمنزلة الطرد، فمتى كان بهذه الصفة فهو أولى من الجمع، ومتى لم يكن كذلك لم يلتفت إليه.

  ومثال ذلك: إذا قال أصحاب أبي حنيفة في إفادة الملك بالبيع الفاسد عند اتصال القبض به عقد معاوضة صدرت عن تراضٍ، فيجب إفادتها للملك، كالمعاوضة الصحيحة.

  فيقول الشافعي: المعنى في الأصل أنها جرت على قانون الشرع بخلاف المعاوضة الفاسدة، ومثال ما يكون الجامع أحق ما قاله أصحابنا والشافعي في وجوب الزكاة في مال الصبي تعليلاً بمن لزمه العشر في ماله في الزرع لزمته الزكاة في التجارة كالبالغ، فيقول أبو حنيفة: المعنى في الأصل أن الحج متعلق به بخلاف الصبي، فالجامع أحق لظهوره؛ لأن العشر والزكاة من جنس واحد.

  الشرط الثاني: أن يكون الفرق منعكساً في الفرع بمعنى أن الفارق متى ذكر فرقاً في الذي جعله المعلل أصلاً له فلا بد من أن يبين انعدامه في الفرع.

  الشرط الثالث: أن يكون الفرق مردوداً إلى أصل عند من لا يقبل الاستدلال المرسل.

  الشرط الرابع: أن يكون الفرع مردوداً إلى أصل إذا ذكر الفارق معنى في الأصل وعكسه في الفرع ثُمَّ ربط به حكماً مناقضاً لحكم على الجامع عند من اشترط إسناده إلى أصل.

  ومثاله: قول الشافعي في بيع العقار قبل القبض تعليلاً بقوله بيع فلم يجز بيعه قبل قبضه كالمنقول فيقول أبو حنيفة المعنى في الأصل أنه يخشى انفساخ العقد بهلاكه، فلذا لم يجز بيعه قبل قبضه، فهذا المعنى لا بد من إسناده إلى أصل عند من يشترط ذلك في جانب الأصل وهو المنقول.

  (واختلف في الفرق) هل يكون مقبولاً أو لا؟.

  (فعند الجمهور) من العلماء (أنه مقبول مطلقاً) سواء أخرج الجامع عن المناسبة والشبه وألحقه بالطرد أو لا، لعمل الصدر الأول به في مواطن المجاورة كما قدمنا حكاية ذلك عن أمير المؤمنين وبيانه مستوفى.

  (وقيل): الفرق (ليس بمقبول مطلقاً) وهذا يحكى عن بعض الجدليين والأصوليين، الجامع لم يلتزم بجمعه مساواة الأصل للفرع من جميع الوجوه حتَّى يقال: إن الفرق يكون قادحاً، وإنما التزم إثبات جامع بين الأصل والفرع، وهذا كافٍ في حصول مقصوده، فالفرق واقع بعد سلامة الجمع مستقرة