الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في الجدل وآدابه]

صفحة 500 - الجزء 2

  إن كان الثاني فلا فائدة في ذكرها، وإن كان الأول خرج عن صورة الهادمين وتصور بصورة الثابتين، وهذا مثار لآداب الجدال؛ لأن من حق السائل أن يكون هادماً ولا يكون ثابتاً، ومن حق المعلل أن يكونا ثابتاً.

  (والمختار وفاقاً للجمهور) من العلماء (قبولها) لأن العلة لا تنقض مؤثرة ولا تغلب على الظن كونها أمارة للحكم إلا بعد دفع المعارضات عنها.

  قولك: إمَّا أن يدل عليه أو لا يدل.

  قلنا: بل يدل عليها، وإلا بطل كونها معارضة.

  قولك: يخرج عما هو المتوجه عليه من الهدم ويكون ثابتاً.

  قلنا: هذا فاسد فإنه لا بد من المناوبة بينهما وتجاذب أهداب النظر ليستقيم قانون المناظرة بينهما، ولا يكون ذلك إلا بما قلناه، يدل عليه اتفاق الجدليين على أن المعلل إذا تمسك بظاهر فللسائل أن يتأوله، وإن كان التأويل منه مقبولاً فمن ضرورية عدم قبوله إلاَّ بقيام دلالة عليه تعضده، فإذا جاء بما يعضد المعارضة وعن هذا يظهر أن تحقيق المعارضة الصادرة من جهة السائل الغرض بها الإفساد لا البناء، وعن هذا قال المحققون: معارضة الفاسد بالفاسد اعتراض صحيح.

  (وجوابها) أي المعارضة بأمرين، إمَّا (بإفساد ما عورض به بأحد الاعتراضات المتقدمة) من المعارضة والنقض والكسر أو غير ذلك من وجوه الاعتراض، (أو بترجيح العلة عليه بما سيأتي) من وجوه الترجيح إنشاء الله تعالى، وهذا هو رأي أكثر الأصوليين، وقال ابن الحاجب: الترجيح ليس بكافٍ في الجواب لاحتمال أن يكون الحكم لمجموع الوصف فيكون إضافة الحكم إلى أحدهما دون الآخر تحكماً، هذا في المعارضة بعله مخالفة.

  (فأمَّا المعارضة بعلة أخرى موافقة فليست معارضة بل مناصرة) بالصاد المهملة (لجواز تعليل حكم واحد بعلتين فصاعداً) كما سلف تقريره.

  وهاهنا اعتراضات يعدهما الجدليون في أعداد الاعتراضات وهما راجعان إلى بعض من سائر الاعتراضات وكل منهما نوع خاص باسم خاص، وليس شيء منهما سؤالاً برأسه:

  فالأوَّل: سؤال التركيب، وهو ما عرفته حيث قلنا: شرط الأصل أن لا يكون ذا قياس مركب، وأنه قسمان: مركب الأصل، ومركب الوصف، وأن مرجع أحدهما إلا منع حكم الأصل، أو منع