فصل: [في الحقيقة والمجاز]
  الفرس مشيراً إلى كتاب بين يديك، فإن لفظ الفرس هنا قد استعمل في غير ما وضع له، وليس بحقيقةٍ كما أنه ليس بمجازٍ، وعن المجاز الذي لم يستعمل فيما وضع في اصطلاح التخاطب ولا في غيره كالأسد للرجل الشجاع؛ لأن الاستعارة وإن كانت موضوعة بالتأويل، لكن الوضع عند الإطلاق لا يفهم منه إلا الوضع بالتحقيق دون التأويل، واحترز بقوله (في اصطلاح التخاطب) عن المجاز الذي استعمل فيما وضع له لا في اصطلاح به التخاطب، كالصلاة إذا استعملها للتخاطب بعرف الشرع في الدعاء، فإنها تكون مجازاً؛ لكون الدعاء غير ما وضعت له في اصطلاح الشرع؛ لأنها في اصطلاحه إنما وضعت للأركان والأذكار المخصوصة مع أنَّها موضوعة للدعاء في اصطلاح آخر، أعني اصطلاح اللغة، وهو متعلق بقوله: وضع لا بالمستعمل لأنه لا معنى له؛ وذلك لأن الاستعمال إذا ذكر بكلمة في يكون ما دخل عليه مراداً باللفظ، يقال: استعمال الأسد في زيد أي أريد منه زيد، فلو تعلق الجار والمجرور هنا بالمستعمل لكان الاصطلاح مراداً باللفظ وهو فاسد، يبقى ما يخرج به على تقدير تعلقه بوضع داخلاً بحسب الظاهر في تعريف الحقيقة، ويحتاج إلى قيد يخرجه يختل تعريف الحقيقة بدونه، فإنه على تقدير تعلقه بوضع يخرج عنه المجاز المستعمل في اصطلاح آخر، غير الإصطلاح الذي به التخاطب، كما مثلناه، فإنه يكون مجازاً كما حققناه، وإن كانت مستعملة فيما وضع له في اللغة، ولا يخرج عن التعريف على تقدير تعلقه بالمستعمل إلا بتكلف، وهو أن يتعلق بالمستعمل لا على أن تكون في صلة للاستعمال كما في قولهم استعمل اللفظ الفلاني، بل يكون المعنى بحسب اصطلاح به التخاطب وباعتباره، فحينئذ يخرج نحو الصلاة إذا استعملها المخاطب بعرف الشرع في الدعاء، فإن هذا الاستعمال ليس بحسب اصطلاح به التخاطب.
  فإن قلتَ: لم عدل المؤلف عن عبارة صاحب التلخيص في التعريف وقال: اللفظ المستعمل ولم يقل: الكلمة المستعملة كما قال ذلك.
  قلت: ليشتمل الحد الحقيقي في المفرد والمركب على أنه قد تنازع في إطلاق الحقيقة على المجموع المركب.
  (وتنقسم) الحقيقة (إلى) ثلاثة أقسام:
  الأوَّل: (لغويَّة) وهي ما وضعها أهل اللغة باصطلاح أو توقيف (كأسد للسبع) المخصوص، والإنسان والرجل والسماء والأرض لمسمياتها المعروفة.