الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في المجتهد وعلوم الإجتهاد]

صفحة 506 - الجزء 2

  للإمامية) فزعموا أنه لا يكون إلا إماماً، بناء على أن المجتهد الذي تؤخذ منه الأحكام، والأحكام لا تؤخذ إلا من أئمتهم، وهذا أصل فاسد مبني على جهالات، معرفة فسادها غير هذا الموضع.

  (أو) كان المجتهد (من غير العترة خلافاً لظاهِر قول الهادي والناصر) فإنه يقتضي بأنه لا يكون إلا من العترة، قال الناصر في الإبانة: ليس لأحد أن يحكم في نازلة - أي حادثة - لم يتقدم لها آية من كتاب ولا سنة ولا اجتهاد من أحد من العلماء.

  قال في حواشي الإبانة: أراد # أن القاضي إذا كان مجتهداً لا يجوز له الاجتهاد إذا لم يكن من العترة فإن جواز الاجتهاد حكم خاص لهم لما لهم من مزية التوفيق والفهم، ومثل ذلك ذكر الهادي، وقد قدمنا في أول الكتاب كلام المؤيد بالله وهو يقضي بعدم صحة ظاهرة قولهما.

  (و) أمَّا (المجتهَدُ فيه): فهو (الحكم الشرعي العملي الظني) واحترز بقوله الشرعي عن العقليات ومسائل الكلام فإنه لا مجال للاجتهاد فيها، وبقوله: العملي عن الشرعي العلمي كمسألة الشافعة وفسق من خالف الإجماع، وبقوله: الظني عن وجوب الصلوات الخمس والزكوات وما اتفقت عليه الأمَّة إذا كان قطعياً.

  وقال (أبو الحسين: بل) المجتهد فيه (ما اختلف فيه المجتهدون من مسائل الشرع) قال الرازي: وهو ضعيف لأن جواز اجتهاد المجتهدين فيها مشروط بكون المسألة اجتهادية فلو عرفنا كونها اجتهادية باختلافهم فيها كان دوراً. انتهى.

  قال في الحواشي: فعلى كلامه أن مسألة الوعد والوعيد والإمامة عنده من مسائل الاجتهاد كما أشار إليه الإمام المنصور بالله الحسن بن بدر الدين في أنوار اليقين.

  (ويتميز) المجتهد فيه (عن غيره بأن كلاً فيه مصيب) وقوله (على الأصح) أشار إلى خلاف سيأتي تحقيقه إنشاء الله تعالى، (وأنه يسوغ فيه التقليد) فكما ساغ فيه الاجتهاد ساغ فيه التقليد، (فإنه لا ينقض الاجتهاد فيه بالاجتهاد) يريد ما كان فعل باجتهاد ثُمَّ تعين الاجتهاد فإن المفعول بحسب الاجتهاد الأوَل لا يعاد فعله على حسب الاجتهاد الثاني، إلا ما يروى عن بعض الناس وهو قول مطرح.

  واعلم أن المجتهد من حقه أن يكون محيطاً بالعلم من قواعد الشريعة، مجتهداً في فروعها بحيث يتمكن من الفتوى في جميع الحوادث الفقهية، وتمام ذلك إنما يحصل بأن نذكر ما يجب عليه إحرازه من العلوم، (وعلوم الاجتهاد المطلق) أي لا في فن ولا مسألة منه سبعة: