الباب الرابع عشر باب الاجتهاد والتقليد وصفه المفتي والمستفتي
  مشكل؛ لأن تمييز آيات الأحكام من غيرها متوقف على معرفة الجميع بالضرورة، وتقليد الغير في ذلك ممتنع؛ لأن المجتهدين متفاوتون في استنباط الأحكام من الآيات.
  (و) الرابع: (السنة) النبوية على صاحبها أفضل السلام وآله الكرام، (و) لا يشترط معرفة الجميع، بل (المراد ما يتعلق بالأحكام) وهي وإن كانت زائدة على ألوف فهي محصورة، فإذا كان عنده أصل مصحح بجميع أحاديث الأحكام كأصول الأحكام والشفاء، قال الغزالي وكسنن أي داود ومعرفة السنن لأحمد البيهقي، قال الإمام: وكذا ما يوجد في الشروح التي وضعها أئمتنا كشرح التحرير والتجريد كفاه ذلك في منصب الاجتهاد.
  فإن قيل: الذي يحفظ ذلك لا نأمن أن يكون في غيره مخصص لعموم أو يقييد لمطلقٍ أو نحوهما فلا يقتصر على ما فيه.
  قلنا: إن الذي جمع السنن ونحوها قد أفرغ جهده في جميع الأحكام، وكما أن خبره يفيد الظن فيصح العمل به، كذلك خبره بأن لا يوجد من الصحيح في أخبار الأحكام غير ما جمعه كتابه فيقتصر ما لم يعرض له خبر يصح له بخلاف ما في الكتاب فإنه يلزمه العمل به، وإن لم يلزمه البحث عنه قبل لما ذكرنا، فهذه نكتة ينبغي التنبه لها.
  (ولا يجب نقلهما) أي الكتاب والسنة، بل يكفي أن يكون عارفاً بمواقعهما من السور أو الكتاب حتَّى يرجع إليهما في وقت الحاجة، من دون أن يمضي على القرآن أو الكتاب جميعاً.
  (و) الخامس: أن يتميز له موقع (إجماع الأمة والعترة، والمراد القطعي) منه، وإنما اشترط ذلك (لئلا يخالفه، وكذا) يلزمه معرفة (كل قاطع شرعي) كتابٍ أو سنَّة أو قياس لئلا يخالفه، (ولا يجب) في هذه الأشياء (نقلها) بل طريقته لا يفتي إلا بشيء يوافق قول بعض المجتهدين، أو يغلب على ظنه أنها واقعة متولدة في هذا العصر لم يكن لأهل الإجماع فيها خوض، أو بشيء لا يصادم قاطعاً.
  (و) السادس: (قضية العقل، والمراد بها البراءة الأصلية) وهي التمسك بالنفي الأصلي، (ونحوها) وهي الأحكام المستفادة من العقل، فيجب معرفتها، وأنَّا مكلفون بها (عند انتفاء المدارك الشرعية) فأمَّا إذا ورد ما يصرف عنها من كتابٍ أو سنة أو إجماع فلا.
  (و) السابع: (متمماتها) أي متممات علوم الاجتهاد، (و) المتممات (هي معرفة الناسخ والمنسوخ) لئلا يحكم بالمنسوخ للمتروك، (والعربية لغة وتصريفاً وإعراباً وبياناً) لأن الكتاب والسنة