الباب الرابع عشر باب الاجتهاد والتقليد وصفه المفتي والمستفتي
  عربية الدلالة، فلا يمكن الاستنباط للأحكام منها إلا بفهم كلام العرب إفراداً أو تركيباً، ومن هذه الجهة يعرف العموم والخصوص والحقيقة والمجاز والإطلاق والتقييد وغير ذلك مما سبق.
  قوله: وبياناً، ذكره القاضي عبد الله والقرشي والسيد محمد بن إبراهيم وهو يشعر به كلام الزمخشري، وللمهدي قولان: قول في الغيث لا يشترط، وقول في الغايات يشعر باشتراطه.
  (ولا بد مع ذلك من ذكاء يتمكن به من استنباط الأحكام) فمن جمع هذه العلوم وليس له ذكاء يرد به الفروع إلى الأصول، فليس بمجتهد وهذا أمر ضروري فقد شوهد من جمع هذه العلوم أو أكثرها ولا يتمكن من ذلك بعدم فقه نفسه.
  (ولا يشترط) في الاجتهاد (العدالة) لجواز أن يكون للفاسق قوة اجتهاد.
  (و) لا (الذكورة) لجواز أن يكون لبعض النساء قوة الاجتهاد، وإن كنَّ ناقصات عقل عن الرجال.
  (و) لا (الحرية) لجواز أن يكون للعبيد قوة الاجتهاد، بأن ينظر حال التفرغ من خدمة سيده.
  (و) لا (معرفة الفروع) لأنه مما يولده المجتهدون بعد اتصافهم بالإجتهاد، كما قال الرازي أن الفروع نتيجة الاجتهاد، فلا يكون شرطاً فيه، وإلا لزم توقف الأصل على الفرع وهو دور.
  (و) لا معرفة (أسباب النزول وسير الصحابة وأحوال الرواة جرحاً وتعديلاً) لأن البحث عن أسباب النزول وأحوال الرواة مع طول المدة وكثرة الوسائط أمر كالمتعذر، فالأولى الاكتفاء بما ذكره أئمة التفسير والسبر والحديث ممن هو محكوم بعدالته كالحاكم وغيره ممن صنف في النزول والسير، وكالبخاري ومسلم والشفاء من كتبنا وأمثالها، والصحابة قد تقرر أنهم عدول على قول الأكثر فلا يحتاج إلى البحث عن أحوالهم، وأمَّا غيرهم فالقول بقبول المراسيل أسقط اعتبار البحث عن أحوال الرواة، فالمعتبر صحة الرواية عن المصنف، ثُمَّ العهدة عليه.
  (و) لا معرفة (الحد) وهو ما يقال على الشيء لإفادة تصوره، وقد تقدم، (والبرهان) وهو طلب الدليل، (من المنطق) لإمكان الاجتهاد من غير معرفتهما، ولأنهما لم يكونا في زمن الصحابة، ولم يقدح في اجتهادهم، (خلافاً لزاعمي ذلك) كله.
  واشترط الغزالي: العدالة، ليعتمد على قوله: وأمَّا هو في نفسه فإن كان عالماً فله أن يجتهد لنفسه ويأخذ باجتهاد نفسه، فكان حاصل اشتراط العدالة لقبول الفتوى لا لصحة الاجتهاد.