تنبيه
  والدليل على إثبات الحقيقية اللغويَّة: أنها ألفاظاً وضعت لمعانٍ ولا شك أنها قد استعملت بعد وضعها فيه، ولا معنى للحقيقية إلا ذلك كما مثلنا في السماء والأرض ونحوها.
  (و) الثاني: (عرفية) قال: أبو الحسين أمَّا الاسم العرفي فهو ما انتقل عن بابه بعرف الاستعمال وغلبته عليه لا من جهة الشرع، أو نقول: ما أفاد ظاهره لاستعمالٍ طارئ من أهل اللغة، ما لم يكن يفيده من قبل.
  والعرفيَّة إمَّا (عامَّة) لأن الواضع العرف العام (وهي ما لا يتعين ناقلها كدابة) فإنه وضع في الأصل لكل ما يدب على الأرض إنسان وغيره؛ لأنه اسم فاعل كماشٍ فإنَّه اسم لكل ماشٍ على الأرض، ثُمَّ صار في عرف أهل اللغة اسماً (لذوات الأربع) دون غيرها فقصروه على بعض مسمياته الأصلية، وهذا مما لا يتعين ناقله؛ لأنا لا نعرف من نقله.
  (أو) عرفية (خاصَّة) أي مخصوصة واضعها ولذلك قال (وهي ما يتعين ناقلها كاصطلاح أهل كل علم نحو) اصطلاح المتكلم على أنَّ (الجوهر) الذي هو في أصل الوضع للأصل اسم (للمتحيز الذي لا يقبل القسمة) وخرج بقوله: المتحيز الباري سبحانه؛ لعدم التحيز، وما له تحيز لكن بالتبعيَّة كالعرض، وخرج بقوله: الذي لا يقبل القسمة الجسم، وكذلك البعض والكسر والقلب للأصوليين، والمضاربَة للفقهاء، والرفع والنصب والجر للنحاة، فإنَّ لكل منهما معنىً خاصاً في اللغة، ونقله أهل العرف الخاص إلى معنى مصطلح عندهم.
تنبيه
  اعلم أن الفعل استعمال اللفظ في غير ما وضع له في الأصل، أو قصره على بعض ما كان يطلق عليه بغير قرينة، وأمارته أن يسبق إلى الأفهام عند سماعه معنىً غير ما وضع له في الأصل.
  وأمَّا كيفيَّة انتقال الاسم بالعرف: على ما ذكره أبو الحسين في معتمده فهو أن يتعذر - مع كثرة أهل اللغة - أن يتواطئوا على ذلك، ولكنه لا يمتنع أن ينقل الاسم طائفة من الطوائف ويستفيض فيها، ويتعدى إلى غيرها، فيتسع في الكل على طول الزمان، ثُمَّ ينشأ القرن الثاني فلا يعرفون من إطلاق ذلك الاسم إلاَّ ذلك المعنى الذي نقل إليه.